يكون بناؤهم على عدم الاعتناء باحتمال المزيل مطلقا فإنهم كما لا يعتنون باحتمال وجود المزيل بالنسبة إلى الوكالة السابقة أو الزوجية وغيرهما من الأمور المتحققة، كذلك لا يعتنون بلفظ شك في مزيليته بالنسبة إلى الوكالة والنكاح:
" كانت خلية أو برية " من الألفاظ التي يشك في وقوع الطلاق بها.
ثم إنه لو عممنا الاستصحاب بالنسبة إلى الشك في المقتضي والرافع في الأحكام الجزئية والموضوعات الخارجية فلا يمكن التعميم بالنسبة إلى الأحكام الكلية، وذلك لأن الأحكام الكلية إنما ترد على العناوين الكلية، فما لم يتبدل العنوان المتعلق للحكم لم يقع شك فيه، وبعد تبدل العنوان لو استصحبنا الحكم وأجريناه فيه كان من باب القياس واسراء الحكم من موضوع إلى موضوع آخر بالغاء الخصوصية وأخذ الجهة الجامعة التي هي عبارة عن القدر المشترك بين هذين العنوانين، مثلا إذا كان حكم الماء المتغير بالنجاسة هي النجاسة فبعد زوال تغيره لو استصحبنا النجاسة كان اسراء الحكم من موضوع - وهو الماء المتغير إلى موضوع آخر - وهو الماء الزائل التغير - بإلغاء الخصوصية وأخذ الجهة الجامعة والقدر المشترك، وهو الماء. والحال أن هذين العنوانين متباينان، ولا جامع بينهما إلا مفهوم الماء.
نعم لو كان الشك في ماء مخصوص كان متغيرا بالنجاسة سابقا وقد زال تغيره فلا مانع من جريان الاستصحاب بالنسبة إلى حكمه السابق ولا يلزم منه اسراء حكم من موضوع إلى موضوع آخر، لأن الموضوع في كلا الحالين شيء واحد وهو الماء المخصوص، بخلاف الأحكام الكلية.
والحاصل: أن في الموضوعات الخارجية والأحكام الجزئية يمكن تعميم الاستصحاب بالنسبة إلى الشك في المقتضي والرافع، لأن الوجود الواحد الشخصي الذي قطع النظر عن حدوثه وبقائه وبه صارت القضية المشكوكة متحدة مع القضية المتيقنة، وإلا فاليقين والشك لم يجتمعا في مورد حتى ينهى عن نقض اليقين بالشك، لأن اليقين متعلق بالحدوث، والشك بالبقاء شيء واحد باق في