والفرق بين هذه الصحيحة والصحيحة السابقة هو أن الصحيحة السابقة كانت في مورد استصحاب الطهارة الحدثية، وهذه الصحيحة في مورد استصحاب الطهارة الخبثية، وفيها فقرات من السؤال:
أما الفقرة الأولى وهو قوله: قلت له: أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شيء من المني - إلى قوله -: تعيد الصلاة وتغسله.
فإنما هو سؤال عن نسيان النجاسة في حال الصلاة وتذكرها بعدها فأجاب (عليه السلام) بإعادة الصلاة وغسل الثوب، وهذا الحكم المستفاد من هذه الفقرة هو المفتى به وإن خالف فيه بعض. ويدل عليه غير هذه الصحيحة من الأخبار الأخر الواردة في باب نسيان الاستنجاء وغيره.
وأما الفقرة الثانية وهو قوله: قلت: فإن لم أكن رأيت موضعه - إلى قوله (عليه السلام): - تغسله وتعيد.
فهو السؤال عن صورة العلم بإصابة النجاسة وعدم معرفة موضعها والإتيان بالصلاة ثم وجدان تلك النجاسة، فالحكم بإعادة الصلاة وغسل الثوب - حينئذ - واضح، لوقوعها مع النجاسة التي علم بها سابقا.
فهذه الفقرة متحدة مع الفقرة الأولى في وقوع الصلاة مع النجاسة المعلومة وفي الحكم بغسل الثوب وإعادة الصلاة، وإنما الإشكال في هذه الفقرة في أنه مع العلم بالنجاسة ولو مع عدم معرفة موضعها وعدم القدرة عليها بعد الطلب كيف دخل في الصلاة؟ فلابد إما من حملها على وقوع الصلاة غفلة، أو على ارتفاع علمه بالنجاسة بعد الطلب، وعدم وجدانها، ثم وجدها بعد الصلاة.
وأما الفقرة الثالثة وهو قوله: قلت: فإن ظننت أنه قد أصابه - إلى قول (عليه السلام) -:
فليس ينبغي لك أن تنقض اليقين بالشك أبدا.
فهو سؤال عن صورة الظن بإصابة النجاسة وعدم التيقن بها ثم رؤيتها بعد الصلاة وقد حكم الإمام (عليه السلام): بغسل الثوب وعدم إعادة الصلاة، فتلك النجاسة المرئية بعد الصلاة يحتمل أن تكون غير النجاسة التي ظن إصابتها قبل الصلاة بأن