النافين له من صحة سلوكهم على منوالهم سهل إنما هو أحد الأمرين:
الأول: هو أن المنكرين للحقيقة الشرعية لا ينكرون الحقيقة المتشرعة في هذه الأزمنة المتأخرة، ومن المعلوم أنه لو كانت هذه الألفاظ حقائق في تلك المعاني في هذه الأزمنة أنها كانت حقائق في زمن الأئمة (عليهم السلام) سيما الصادقين، إذ نعلم قطعا فساد القول بأنها ما كانت حقائق في زمنهم وصارت حقائق فيها بعدهم وهذا القدر يكفي في ترتب الثمرة على النزاع فيها، وأنها هل هي موضوعة للصحيحة حتى تحمل هذه الألفاظ الصادرة عنهم عليها، أو للأعم حتى تحمل عليه؟
ولا يهمنا المناقشة في تسميتها حقيقة شرعية أو حقيقة متشرعة، وعلى تقدير العدم لا إشكال في أن ما كانت هذه الألفاظ حقائق فيها في هذه الأزمنة كان مجازا مشهورا في الأزمنة السابقة حتى زمان النبي (صلى الله عليه وآله)، فالنزاع في أن هذه الألفاظ حقائق في الصحيحة في هذا الزمان حتى يستكشف كونها مجازات مشهورة في أزمنتهم، وتحمل الألفاظ الصادرة عنهم عليها أو حقائق في الأعم حتى الألفاظ الصادرة عنهم عليه.
والحاصل أن كونها حقائق في هذه الأزمنة في الصحيح أو الأعم هو محل النزاع، وهو يكفي في ترتب الثمرة المقصودة، وهو حمل الألفاظ الصادرة عنهم (عليهم السلام) على ما هو معنى حقيقي الآن، لأن ما هو حقيقي ملازم إما للوضع في أزمنتهم، أو كونها من المجازات المشهورة في تلك المعاني وأيهما كان يكفي في حمل الألفاظ الصادرة عنهم (عليهم السلام) على هذه المعاني التي حقيقة عند المتشرعة فعلا، فتأمل.
إذ على تقدير كونها حقيقة شرعية في زمنهم يكفي في ترتب الثمرة المقصودة، وأما على تقدير المجازية فأولا كونها مجازا مشهورا غير معلوم، وعلى تقدير كونها مجازا مشهورا لا يكفي في ترتب الثمرة إلا على القول بالحمل عليه عند دوران الأمر بينه وبين الحقيقة المرجوحة وهو غير معلوم، وقد عرفت أن الأقوال في تلك المسألة ثلاثة.