يمكن أن يكون حقيقة من جهة وضع على حدة له، فلابد من تشخيص الحقيقة عن المجاز بإعمال علائمها؟
ولكن الظاهر أن فيما علم أن اللفظ موضوع لمعنى معين معلوم واستعمل في غيره أيضا، ولم يعلم أنه موضوع له أيضا أم لا يمكن الالتزام بأصالة التجوز لا عكسها، بناء على أن وضع اللفظ لمعنى مستلزم لوضع تبعي بالنسبة إلى مناسباته وتوابعه التي يكون بينه وبينها إحدى العلائق المعتبرة، فإن الأصل وبناء العقلاء في هذا المقام على التجوز، لأنه كما أن الوضع مصحح للاستعمال كذلك الوضع التبعي مصحح له، وهو معلوم، والوضع الأصلي مشكوك والأصل عدمه، مثلا: إذا كان بيد شخص آلة صالحة للذبح وكان عنده مذبوح، وشككنا في أنه ذبحه بتلك الآلة التي كانت بيده أو بآلة أخرى، لا إشكال في البناء على أنه ذبحه بتلك الآلة، ولو شك في أن الذبح هل كان بآلة أخرى أم لا؟ بني على عدمه وعدم وقوع الذبح به.
فتبين مما ذكرنا لا اعتبار بأصالة عدم التجوز إلا إذا كان الشك في المراد مع العلم بالمعنى الحقيقي والمعنى المجازي، أو في صورة العلم بوحدة المستعمل فيه.
وأما في صورة التعدد فلا، بل الأصل فيها التجوز بالبيان المذكور، مضافا إلى ما ذكر من ترجيح المجاز على الاشتراك من الوجوه المذكورة في الكتب المبسوطة، كما نقل عن ابن جني (1) قبالا للسيد بأن الأصل التجوز.
وأما أصالة عدم الاشتراك: فقد ظهر من ذلك أنه لا إشكال فيها حيث إن الاشتراك يحتاج إلى تعدد الوضع، والأصل عدمه.
وأما أصالة عدم النقل: فكذلك أيضا حيث إنه يحتاج إلى كونه موضوعا لمعنى آخر أولا، ثم استعماله في هذا المعنى وهجر المعنى الأول، وهما خلاف الأصل.
وأما أصالة عدم الإضمار: فلا شك في أن التقدير خلاف الأصل، وأصالة عدم الإضمار إنما تعتبر في مقام لم تتوقف صحة الكلام عقلا أو شرعا عليه، وإلا كان