المضمر مدلولا عليه بدلالة الاقتضاء، ولا تجري أصالة عدمه، وفيما كان المعنى المراد يختلف بالإضمار وعدمه، وإلا فالإضمار وعدمه سيان، ولا حاجة إلى الإضمار، ولا موقع لأصالة عدمه، إذ لا يترتب عليها أثر.
وأما أصالة عدم التخصيص: فمرجعها إلى أصالة عدم التجوز إن قلنا بأن التخصيص عبارة عن استعمال اللفظ الموضوع للعام في الخاص، بخلاف ما إذا قلنا بأن العام ما استعمل إلا في معناه الحقيقي وهو العموم، ولكن الحكم الذي علق على العموم الذي هو الموضوع ظاهرا قصر على بعض أفراد العموم. وعلى أي حال فلا إشكال في أن الأصل عدمه.
وأما أصالة عدم التقييد: فحالها كحال أصالة عدم التخصيص.
وأما أصالة عدم النسخ: فإن قلنا بأن النسخ تخصيص بحسب الأزمان فمرجعها إلى أصالة عدم التخصيص، ولكن الحق أنه ليس كذلك، وإنما هو نظير الفسخ بالنسبة إلى العقد، أو الطلاق بالنسبة إلى إزالة قيد النكاح، فيرفع به الحكم المستمر بحسب الظاهر ولو كانت مصلحة في الواقع إلى الآن، كما أن الطلاق يرفع العقد الدائم الذي أوقعه الشخص لمصلحة في إيجاده مع بنائه على الطلاق بعد ايقاعه، وعلى هذا فأصالة عدم النسخ من الأصول العملية كأصالة عدم الفسخ لا من الأصول اللفظية.
وإذا عرفت هذه الأصول الجارية في باب الألفاظ وعرفت أنها عبارة عن بناء العقلاء والجري العملي على طبقها بحسب ما ارتكز في أذهانهم كسائر الأمور الارتكازية التي أودعها الله فيهم فاعلم أن هذه الأصول بعضها مرادية تعمل في مقام تشخيص المراد، مثل أصالة عدم التجوز - على بعض الصور المتقدمة - وأصالة عدم الإضمار، وأصالة عدم التخصيص، وبعضها وضعية تعمل في مقام تشخيص الوضع. والتعارض إما بين الأصول المرادية، أو بين الأصول الوضعية، أو بين الأصول المرادية مع الأصول الوضعية. وعلى أي حال التعارض إما ثنائية أو ثلاثية أو أزيد.