ارتباطيين كما لو تردد بين كون السورة - مثلا - جزءا من الصلاة أم لا، فلا إشكال أيضا في أن مقتضى القاعدة الأولية هو الاشتغال والاحتياط لكون التكليف يقينيا، ولابد من الخروج عن عهدته، وهو لا يحصل إلا بالإتيان بالأكثر، فإن كان مؤمن من العقوبة على ترك الأكثر أو الجزء الزائد المشكوك عقلا أو شرعا أو كليهما كالبراءة العقلية أو الشرعية أو كلتيهما فهي المرجع، وتكون حاكمة على أصالة الاشتغال، لأن حكم العقل بالاحتياط إنما هو من جهة التحرز عن العقاب المحتمل، ومع وجود المؤمن العقلي أو الشرعي يرتفع موضوع حكم العقل بلزوم الاحتياط، وإلا فلابد من الاحتياط بإتيان الأكثر.
وإنما الإشكال في وجود المؤمن وعدمه، فالقائلون بوجوب الاحتياط أنكروا وجوده مطلقا وقالوا: إن حال الأقل والأكثر كحال المتباينين في لزوم الاحتياط وعدم جريان البراءة العقلية والنقلية، والقائلون بعدم وجوب الاحتياط قالوا: إن حال الأقل والأكثر ليس كالمتباينين، لكنهم اختلفوا فبعضهم كالشيخ (1) (قدس سره) تمسك في نفي وجوب الاحتياط بأدلة البراءة العقلية والنقلية كلتيهما، وبعضهم كصاحب الكفاية (2) (قدس سره) تمسك في نفي وجوب الاحتياط بأدلة البراءة النقلية فقط وأنكر جريان أدلة البراءة العقلية، لأن جريانها موقوف على انحلال العلم الإجمالي إلى علم تفصيلي بوجوب الأقل وشك بدوي بالنسبة إلى الأكثر والجزء الزائد، والانحلال محال، لأنه يلزم من وجوده عدمه، وما يلزم من وجوده عدمه فهو محال، فراجع كلامه.
والحق ما اختاره الشيخ (3) (قدس سره) من جريان البراءة العقلية والنقلية بالنسبة إلى الأكثر والجزء المشكوك، أما البراءة العقلية فلانحلال العلم الإجمالي إلى العلم التفصيلي بالنسبة إلى الأقل والشك البدوي بالنسبة إلى الأكثر والجزء المشكوك.