ونجيب عن الإشكال الذي أورد على الانحلال بأحد تقريبين:
الأول: أن الأقل معلوم الوجوب، لأنه إما واجب نفسي أو واجب غيري ضمني، إذ الطلب إما تعلق به بنفسه أو تعلق به في ضمن تعلقه بالمركب الذي ذلك الأقل جزؤه، فالعقاب على تركه قطعي، لأنه إن كان واجبا نفسيا فاستحقاق العقاب على تركه واضح، وإن كان واجبا ضمنيا فلأن ترك الجزء لما كان مستلزما لترك الكل أو عين ترك الكل فبنفس تركه يستحق العقاب المترتب على ترك الكل، وإذا كان أحد طرفي العلم الإجمالي معلوما بالتفصيل فلا يجري الأصل بالنسبة إليه، وإذا لم يجر الأصل فيه فيصير الأصل في الطرف الآخر بلا معارض.
وحاصل هذا التقريب هو: أن التكليف بالأقل منجز على كل حال، أي سواء كان وجوبه نفسيا أو غيريا.
وما قيل من أن تنجزه على كل حال موقوف على تنجز الأكثر، إذ لو كان وجوبه غيريا لا يمكن تنجزه إلا بتنجز الأكثر فيلزم من وجود الانحلال عدمه.
فيه: أن تنجز الأقل على كل حال وإن كان موقوفا على تنجز الأكثر، إلا أنه يمكن التفكيك في تنجز الأكثر بين الجهة المعلومة والجهة المجهولة، فهو من الجهة المعلومة - وهي وجوب الأقل - منجز، فلو ترك الكل بترك الأقل المعلوم وجوبه كان عاصيا ومستحقا للعقاب على تقدير كون الواجب الواقعي هو الأكثر، وأما من الجهة المجهولة - وهي وجوب الجزء الزائد - فغير منجز، لأن وجوبه غير معلوم، فلو ترك الكل بترك الجزء الزائد لما كان عاصيا ومستحقا للعقاب، فإذا كان وجوب أحد طرفي العلم الإجمالي واستحقاق العقاب على تركه معلوما بالتفصيل فلا يجري الأصل فيه، ويكون الأصل في الطرف الآخر بلا معارض.
الثاني: أن الوجوب النفسي المردد تعلقه بالأقل أو الأكثر بالنسبة إلى الأقل منجز، لأن أصل الخطاب بالنسبة إليه معلوم وليس في تركه عذر إلا احتمال الغيرية وهو ليس بعذر، فنفس احتمال الوجوب النفسي بالنسبة إليه منجز كما في أطراف الشبهة المحصورة، وأما بالنسبة إلى الأكثر فهذا الاحتمال ليس بمنجز، لأن