ومستحق للعقاب على مخالفته إما لنفسه أو لكون تركه تركا للكل الذي عرض عليه الوجوب النفسي، ولما كان الكل عين الأجزاء فالوجوب النفسي العارض للكل عارض لأجزائه، كما أن دلالة اللفظ على الكل بالمطابقة دلالته على الأجزاء بالتضمن، فالأصل بالنسبة إلى الأقل لا يجري، وإذا لم يجر بالنسبة إليه فيجري بالنسبة إلى الأكثر بلا معارض.
الثاني: أن الوجوب النفسي المحتمل تعلقه بالأقل والأكثر منجز بالنسبة إلى الأقل بصرف احتماله كما في الشبهة المحصورة والشبهة قبل الفحص، وبالنسبة إلى الأكثر ليس بمنجز كما في الشبهة الغير المحصورة والشبهة بعد الفحص، من جهة أن الخطاب بالنسبة إلى الأقل والشك إنما هو في النفسية والغيرية، وهو ليس بعذر، وبالنسبة إلى الأكثر الشك في أصل الخطاب وهو عذر، فطرف الاحتمال بالنسبة إلى الأقل هو الوجوب الغيري لا عدم الوجوب، وبالنسبة إلى الأكثر فهو عدم الوجوب، فالأول لا يكون عذرا بخلاف الثاني.
وأما البراءة النقلية، فلشمول الأخبار مثل قوله (عليه السلام): " ما حجب الله (1) " وقوله (صلى الله عليه وآله): " رفع (2) " وأمثالهما للجزء الزائد المشكوك، سواء قلنا بأن المرفوع خصوص المؤاخذة أو مطلق الآثار، فتأمل.
والإشكال على الرجوع إلى البراءة بالنسبة إلى الأكثر بأن الأوامر الشرعية تابعة للمصالح وألطاف في الواجبات العقلية، فالغرض منها وهي المصلحة واللطف يجب تحصيله، وهو لا يحصل يقينا إلا بالأكثر فيجب الإتيان به.
مدفوع، لا بما ذكره الشيخ (3) أولا من أن مسألة البراءة ليست مبتنية على [ما] (4) ذهب إليه مشهور العدلية من تبعية الأوامر للمصالح الكامنة في المأمور بها، بل تجري على مذهب الأشاعرة المنكرين لذلك، أو بعض العدلية القائلين بكفاية