وجود المصلحة في الأمر، إذ هذا الجواب إنما يحسن في مقام الجدل والغلبة على الخصم، ولا يرتفع به الإشكال واقعا.
ولا بما ذكره ثانيا بأن حصول المصلحة واللطف في العبادات لا يكاد يكون إلا بإتيانها على وجه الامتثال، وحينئذ كان الاحتمال اعتبار معرفة أجزائها تفصيلا ليؤتى بها مع قصد الوجه محال، ومعه لا يكاد يقطع بحصول اللطف والمصلحة الداعية إلى الأمر، فلم يبق إلا التخلص عن تبعة مخالفته بإتيان ما علم تعلقه به، فإنه واجب عقلا وإن لم يكن في المأمور به مصلحة ولطف رأسا لتنجزه بالعلم به إجمالا.
وحاصله: أنه كما يحتمل دخل الجزء الزائد في الغرض فيجب إتيانه ليحصل القطع بحصول الغرض كذلك معرفة الوجه يحتمل دخله في الغرض، فيجب إتيان العمل بقصد الوجه ليحصل القطع بحصول الغرض، فإذا أتى بالجزء المشكوك فلا يقطع بحصول الغرض لاحتمال دخل معرفة الوجه وإذا بدون الجزء المشكوك أيضا لا يقطع بحصول الغرض لاحتمال دخل الجزء الزائد المشكوك فيه، فتحصيل الغرض قطعا غير ممكن، فيبقى الخروج عن عهدة ما تنجز التكليف به، وهو يحصل بإتيان الأقل.
إذ فيه: أولا: أن قصد الوجه ليس بمعتبر رأسا.
وثانيا: على تقدير تسليمه إنما هو معتبر في نفس العمل لا في أجزائه.
وثالثا: أن قصد الوجه بناء على اعتباره إنما هو معتبر في العبادات، ومحل الكلام في الأعم منها، بل بما حاصله أن الغرض تارة تكون دائرته أضيق من دائرة المأمور به كما في قصد القربة والأمر في العبادات، وتارة تكون مساوية له ومنطبقة عليه، ففي القسم الأول يجب تحصيله على وجه يحصل القطع بحصوله، وأما في القسم الثاني فحاله كحال نفس المأمور به، فكما أنه يجوز الرجوع إلى البراءة بالنسبة إلى الجزء الزائد المشكوك بالبيان المتقدم فكذلك بالنسبة إلى ذلك المقدار من الغرض المنطبق على ذلك الجزء، بل بنفس الرجوع إلى البراءة بالنسبة