ثانيها: أن المقتضي لثبوت الحكم التكليفي للمشتبهين - وهو العلم الإجمالي - موجود بالنسبة إلى الحكم الوضعي أيضا.
وفيه: أن ثبوت الحكم التكليفي لهما لأجل كونهما مقدمة علمية للتكليف المعلوم إجمالا، وقضية المقدمة العلمية غير آتية بالنسبة إلى الآثار الوضعية، كما عرفت.
ثالثها: ما ذكره في الحدائق (1)، وحاصله: أن استقراء الأخبار الواردة في موارد الشبهة المحصورة يفيد اعطاء الشارع المشتبه بالنجس حكم النجس.
وفيه: أن غاية ما يفيده الاستقراء - على تسليمه - هو وجوب الاجتناب عن أطراف الشبهة في جميع مواردها لاعن ملاقيها أيضا. نعم لو ثبت وجوب الاجتناب عن ملاقي ما ثبت وجوب الاجتناب عنه بدليل آخر ثبت المدعى بعد إثبات وجوب [الاجتناب] عن أطراف الشبهة المحصورة.
والحاصل: أن الدليل الدال على وجوب الاجتناب عن أطراف الشبهة لا يدل على وجوب الاجتناب عن ملاقيها، بل لابد له من دليل آخر، كما أن الدليل الدال على وجوب الاجتناب عن النجاسات لا يدل على وجوب الاجتناب عن ملاقيها، بل لابد له من دليل آخر.
رابعها: ما نقله في الجواهر عن بعض المتأخرين (2) من أن الظاهر من الأدلة أن المحصور يعامل معه معاملة النجس، والفرق بينه وبين ما نقلناه عن صاحب الحدائق هو أن ظاهر هذا الوجه كون المحصور كالنجس في جميع الآثار بخلاف ما نقلناه عنه، لأنه قال فيها: إن للمشتبه في هذه المسألة وأمثالها حالة متوسطة، فمن بعض الجهات كالأكل والشرب والملاقاة برطوبة حكمه حكم النجس، ومن بعض الجهات كالصلاة في الثوبين المشتبهين باعتبار تكرار الصلاة فيهما له حالة ثالثة (3).