نعم قد يدل بواسطة بعض الأمارات الخارجية كما استفيد نجاسة البلل المشتبه الخارج قبل الاستبراء من أمر الشارع بالطهارة عقيبه من جهة استظهار أن الشارع جعل هذا المورد من جملة موارد تقديم الظاهر على الأصل، فحكم بكون الخارج بولا لا أنه أوجب خصوص الوضوء بمجرد خروجه (1).
والرواية مع كونها ضعيفة السند فيها ما ذكره الشيخ (قدس سره) أيضا من أن الظاهر من الحرمة فيها النجاسة، لأن مجرد التحريم لا يدل على النجاسة فضلا عن تنجس ملاقيه وارتكاب التخصيص في الرواية بإخراج ما عدا النجاسات من المحرمات - كما يرى - لكونه تخصيص أكثر مستهجن، فالملازمة بين نجاسة الشيء ونجاسة ملاقيه لا حرمة الشيء وحرمة ملاقيه (2).
وحاصل الكلام في هذا الوجه هو أنه كما يدل دليل وجوب الاجتناب عن النجاسات على وجوب الاجتناب عن ملاقيها كما فهمه العلماء كصاحب الغنية وغيره، ويظهر من الرواية أيضا كذلك يدل دليل وجوب الاجتناب عن أطراف الشبهة المحصورة على وجوب الاجتناب عن ملاقي أحدها.
وفيه: أولا: منع الحكم في المقيس عليه كما عرفت من أن دليل وجوب الاجتناب عن النجاسات لا يدل على وجوب الاجتناب عن ملاقيها إذا لم يكن عليه أثر منها.
وثانيا: على تقدير تسليم هذا الحكم في طرف المقيس عليه تسليمه في الطرف المقيس ممنوع، لأن العقل الحاكم بوجوب الاجتناب عن أطراف الشبهة إنما يحكم به من باب المقدمة العلمية، لأنه لو لم يجتنب عن كل واحد منها لا يحصل العلم بالاجتناب عن النجس المعلوم في البين، فملاك وجوب الاجتناب عن أطراف الشبهة هو تحصيل العلم بالاجتناب عن النجس الواقعي المعلوم في البين، وهذا الملاك مفقود في ملاقي أحدهما، لأنه لو اجتنب عن الأطراف يحصل له العلم بالاجتناب عن النجس الواقعي ولو لم يجتنب عن الملاقي، فتأمل.