ومن جملتها: التبادر فقد قيل بأن التبادر علامة الحقيقة، وعدم التبادر علامة المجاز (1)، ولكنه أشكل بالمشترك فإن الوضع موجود بالنسبة إلى المعاني المتعددة، ولا تبادر بالنسبة إليها. فلذا قال بعضهم بأن عدم تبادر الغير علامة الحقيقة (2) حتى لا يرد هذا الإشكال، وإن أمكن دفعه بأن التبادر بالنسبة إليها موجود في قبال غيرها، وإن لم يتعين ما هو المتبادر، بل مردد بينها، بل جميعها يتبادر إلى الذهن. وقد أورد عليه باستلزامه الدور، من جهة أن يعلم بكون اللفظ موضوعا لذلك المعنى موقوف على التبادر، وهو موقوف على العلم بالوضع فيلزم الدور.
ولكن يمكن دفعه باختلاف الموقوف والموقوف عليه. أما بناء على ما هو المنساق من كلام المحقق من أن التبادر عند العالمين بالوضع علامة عند الجاهل به (3) فواضح، لأن العلم الحاصل للجاهل بالوضع موقوف على التبادر، وهو لا يتوقف على علمه بالوضع، بل على علم العالمين به، فيختلف الطرفان: وأما بناء على توقف التبادر على علم الجاهل المستعلم فلاختلاف العلم المتوقف عليه التبادر، مع العلم الحاصل من التبادر المتوقف عليه بالإجمال والتفصيل، كما أجيب به عن الإشكال الذي أورده بعض العرفاء على الشكل الأول، فتدبر.
ثم إن التبادر قد يكون من جهة العلقة الوضعية بين اللفظ والمعنى، وقد يكون من جهة القرائن الخارجية المكتنفة به من حال أو مقال، فهل هناك أصل يحرز به أنه من حاق اللفظ أو من القرائن الخارجية، أم لا؟ وبعبارة أخرى هل يمكن إحراز الوضع بأصالة عدم القرينة في مورد يتبادر المعنى إلى الذهن ويشك في أنه مستند إلى الوضع أو إلى القرينة، أم لا؟ الظاهر أنه لا يمكن، لأن القدر المسلم من