العقل بحجية خبر الواحد.
وأجاب هو قدس سره عنه: أما أولا: بأن وجوب العمل بالأخبار الصادرة إنما هو من جهة امتثال أحكام الله الواقعية المدلول عليها بتلك الأخبار، فالعمل بالخبر الصادر عن الإمام إنما يجب من حيث كشفه عن حكم الله الواقعي.
وحينئذ نقول: إن العلم الاجمالي ليس مختصا بهذه الأخبار، بل نعلم إجمالا بصدور أحكام كثيرة عن الأئمة (عليهم السلام) وحينئذ فاللازم أولا الاحتياط، ومع تعذره أو تعسره أو قيام الدليل على عدم وجوبه يرجع إلى ما أفاد الظن بصدور الحكم الشرعي التكليفي عن الحجة، سواء كان المفيد للظن خبرا أو شهرة أو غيرهما، فهذا الدليل لا يفيد حجية خصوص الخبر، وإنما يفيد حجية كل ما ظن منه بصدور الحكم عن الحجة وإن لم يكن خبرا.
ثم أورد على نفسه بأن المعلوم صدور كثير من هذه الأخبار التي بأيدينا، وأما صدور الأحكام المخالفة للأصول غير مضمون هذه الأخبار فهو غير معلوم لنا ولا مظنون.
وأجاب (قدس سره) عن هذا الإيراد بما يرجع حاصله: بأن العلم الإجمالي وإن كان حاصلا في خصوص هذه الأخبار التي بأيدينا، إلا أنه حاصل أيضا في مجموع ما بأيدينا من الأخبار ومن سائر الأمارات الأخر، فيكون علمان إجماليان أحدهما دائرته مخصوصة بالأخبار والآخر دائرته أعم منها ومن سائر الأمارات، كما إذا علمنا إجمالا بوجود شاة محرمة في خصوص السود من القطيع وعلمنا إجمالا بوجود شاة محرمة في تمام القطيع أعم من السود والبيض، وحينئذ فاللازم مراعاة العلم الإجمالي في تمام الأمارات والأخبار لا خصوص الأخبار، فإن كان اللازم هو العمل بالاحتياط مراعاة للعلم الإجمالي ففي الكل، وإن كان اللازم هو العمل بالظن لعدم وجوب الاحتياط أو لعدم جوازه ففي الكل أيضا.
وثانيا: لو سلمنا أن العلم الإجمالي منحصر بالأخبار اللازم من ذلك العلم الإجمالي هو العمل بالظن في مضمون تلك الأخبار، لما عرفت من أن العمل