وجود الأثر لذلك الحكم - أي وجوب التصديق - إلا أنه آلي لابد وأن ينتهى إلى أمر استقلالي.
والحاصل: أنه لو دفعنا الإشكال الأول بما مر من كفاية وجود الأثر لوجوب تصديق خبر العادل أن يكون الأثر نفس وجوب التصديق الجائي من قبل الحكم تكون أخبار العدول ذات أثر - وهو وجوب التصديق - مثل سائر الأمور الواقعية التي لها أحكام شرعية كعدالة زيد وطهارة شيء ونجاسته، فوجوب تصديق الخبر الأول الذي هو خبر محقق أثره وجوب تصديقه في إخباره الثاني، ووجوب تصديقه أيضا أثره وجوب تصديقه في الإخبار الثالث، وهكذا حتى ينتهي إلى ما يكون أثرا بالاستقلال. ومن وجوب التصديق فيما عدا الخبر الأول ينتزع عنوان الخبر التعبدي، ولو لم ندفع الإشكال الأول لا مدفع للإشكال الثاني.
ولو سلمنا شمول الحكم الثابت لموضوع كلي للفرد الذي تتوقف فرديته على ثبوت ذلك الحكم لذلك الموضوع إما بجعل القضية طبيعية أو بتنقيح المناط، كما في كل خبري صادق، لأنه على تقدير تسليم هذه الكبرى يقع الإشكال فيما نحن فيه بالنسبة إلى الصغرى، لأن في مثل كل خبري صادق، مما اشتمل على موضوع ومحمول ونسبة حكمية وجدانا يتكون فرد من الخبر حقيقة فيشمله نفس هذا الحكم بأحد الوجهين، بخلاف ما نحن فيه لأن خبرية الخبر الثاني وما بعده ليست بالوجدان، وإنما هي بالتعبد، وهو موقوف على وجوب تصديق الخبر الأول، وهو موقوف على أن يكون له أثر، وأثره ليس إلا وجوب التصديق الجائي من قبل ذلك الحكم، وإذا فرضنا أن هذا لا يكفي في وجوب التصديق لا يتحقق موضوع الخبرية حتى يشمله الحكم الثابت لطبيعة خبر العادل بأحد الوجهين، فتأمل في المقام فإنه لا يخلو عن إشكال.
ثم إنه لو كان الأثر مترتبا على إخبار شخص لشخص خاص مثل الشهادة مثلا فإنها لابد أن تكون عند الحاكم، ففي مثل ما إذا قال الشيخ: " أخبرني المفيد " يشكل لأنه لو قال الشيخ " أخبركم المفيد " لا إشكال، لأنه خبر عادل لنا فلابد من تصديقه،