الثقة أيضا فلا يلزم الإشكال، لأن نتيجة التوقف من الجانبين بالنهاية هي (1) عدم ثبوت الردع، وهو كاف في تخصيص الآيات وحجية خبر الثقة بها.
ولكن يمكن أن يقال: إن العمومات مقتضية لعدم جواز العمل بغير العلم وإن قامت السيرة القطعية المنتهية إلى المعصوم على جواز العمل بخبر الواحد في مقابل العمومات فتكون مخصصة للعمومات، ويرفع اليد عنها بواسطة هذه السيرة التي انتهت إلى المعصوم ولم يردع عنها قطعا، وإن شك في الردع وعدمه فلابد من الأخذ بالعمومات، لأن التخصيص مشكوك فعدم ثبوت الردع عن السيرة لا يكفي في تخصيص الآيات، بل لابد من ثبوت عدم الردع، كما أن عدم ثبوت الردع عن السيرة لا يكفي في حجية خبر الثقة، بل لابد من ثبوت عدم الردع والإمضاء من قبل الشارع إذ السيرة مع قطع النظر عن إمضاء الشارع وجودها كعدمها، لأن قوامها بإمضاء الشارع وعدم ردعه عنها ففرق بين تخصيص الآيات بالسيرة وحجية خبر الثقة بها، لأن الشك في إمضاء السيرة وعدم الردع عنها في الأول شك في المخصص والمانع مع وجود العام والمقتضي، ولابد عند الشك [من الرجوع] إلى العام، وفي الثاني شك في وجود المقتضي إذ المقتضي لحجية خبر الثقة هي السيرة التي أمضاها الشارع ولابد من الرجوع عند الشك إلى أصالة عدم الحجية، فتأمل في المقام.
ولكن الحق أن سيرة العقلاء من تمام أولي الأديان وغيرهم استقرت على العمل بخبر الثقة في تمام أمورهم كما يعملون بالقطع الوجداني والعلم، بل خبر الثقة عندهم علم من جهة، لأن العلم ما كان احتمال الخلاف ملغى ذاتا، وخبر الثقة وإن لم يكن احتمال الخلاف فيه ملغى ذاتا، إلا أنه ملغى عملا، فهو بحسب النتيجة من أفراد العلم من حيث عدم الاعتناء باحتمال الخلاف، وإن كان إلغاء احتمال الخلاف في أحدهما بحسب الذات وفي الآخر بحسب العمل.