خبر العادل للروايات مع الواسطة من وجهين: أحدهما من جهة أن حكم الشارع بالتعبد بخبر الواحد لابد أن يكون بلحاظ الأثر إذ لو لم يكن له أثر لكان التعبد به لغوا، فإن كان المخبر به حكما شرعيا أو موضوعا خارجيا يترتب عليه حكم شرعي ولو بواسطة فلا إشكال في التعبد به، وأما إن كان المخبر به خبرا آخر كما لو قال الشيخ أخبرني المفيد، ولو فرضنا أن إخبار الشيخ لنا كان بلا واسطة بأن سمعنا منه مشافهة أو وجدنا في كتابه بأنه أخبره المفيد فيشكل بأن التعبد بخبر الواحد لا يمكن إلا فيما إذا كان له أثر، والأثر المترتب على هذا الإخبار ليس إلا وجوب تصديق الشيخ بأن المفيد أخبره، وهذا الأثر إنما ثبت له بنفس هذا الحكم، والحال أنه لابد أن يكون الأثر ثابتا له مع قطع النظر عن هذا الحكم.
وبعبارة أخرى وجوب تصديق الشيخ بمقتضى الآية وسائر أدلة حجية خبر الواحد في إخباره بأن المفيد أخبره إنما هو بلحاظ الأثر، ولا أثر له إلا وجوب التصديق، فلو كان وجوب التصديق ثابتا له مع قطع النظر عن هذا الحكم فلا إشكال في وجوب تصديقه بمقتضى الآية وسائر الأدلة لوجود الأثر وهو وجوب التصديق الثابت له بدليل آخر غير تلك الأدلة، فكأنه قال: رتب الأثر على قول الشيخ، فصار وجوب ترتيب الأثر عليه أثرا له، ثم قال ثانيا، رتب الأثر عليه بلحاظ ما قال أولا، وهو رتب الأثر، إذ الأثر الذي لابد منه كان ثابتا له مع قطع النظر عن هذا الحكم. وأما لو كان وجوب التصديق ثابتا له بنفس هذا الحكم - أعني وجوب التصديق المستفاد من تلك الأدلة - فيشكل للزوم كون هذا الحكم شاملا لنفسه، لأنه لا معنى لوجوب تصديقه إلا ترتيب الأثر عليه، ولا أثر له غير وجوب التصديق الذي جاء من قبل هذا الحكم، فكأنه قال: صدق الشيخ في وجوب التصديق الجائي من قبل نفس ذلك الخطاب، بل يمكن أن يقال: إنه يلزم الدور، لأن وجوب التصديق موقوف على وجود الأثر، وهو موقوف على وجوب التصديق، فتأمل.
الثاني: أن موضوع خبرية خبر المفيد لم يثبت لنا بالوجدان، وإنما ثبت