بالتعبد، ووجوب التصديق الذي هو الحكم في مثل صدق العادل، فكيف يشمل هذا الحكم الموضوع الذي يتوقف وجوده على هذا الحكم؟ ففيما إذا قال: الشيخ أخبرني المفيد عن الصدوق إلى [أن] ينتهي بوسائط عن الإمام (عليه السلام) الخبر الأول وهو خبر الشيخ الذي فرضنا أنه محقق بالنسبة إلينا متمحض في الإشكال الأول، وهو أن وجوب تصديقه إنما هو فيما إذا رتب عليه أثر شرعا كالإخبار بنجاسة شيء أو طهارته، أو عدالة شخص، وأمثالها من الموضوعات التي يترتب عليها أحكام شرعية بواسطة أو بلا واسطة، إذ لو لم يكن له أثر كان التعبد به لغوا، والفرض أن أثر خبره ليس إلا وجوب التصديق الجائي من قبل ذلك الحكم، والخبر الأخير وهو الذي ينقل قول الإمام متمحض في الإشكال الثاني، هو أن خبريته متوقفة على هذا الحكم فكيف يمكن شمول هذا الحكم لخبر تكون خبريته بنفس هذا الحكم، والحال أنه لابد من تقدم الموضوع على حكمه؟!
والأخبار المتوسطة يرد عليها كل من الإشكالين بكلا الاعتبارين، والشيخ (قدس سره) كان الإشكال بنظره متمحضا في الإشكال الأول، وجعل الإشكال الثاني عبارة أخرى عنه، ثم بعد التنقيح والإصلاح ضرب على العبارة التي كانت في النسخ القديمة من الرسائل واستقر نظره على الإشكال الثاني (1) كما هو في النسخ المتأخرة بعد الإصلاح ونقل أن الشيخ (قدس سره) تعطل في هذا المطلب أربعين يوما، ولكن العمدة - إيرادا ودفعا - هو الإشكال الأول، فإن أمكن دفعه فلا موقع للإشكال الثاني، وإن لم يمكن دفعه فلا فائدة في دفع الإشكال الثاني، وذلك، لأنه إن دفعنا الإشكال الأول وقلنا: إنه يكفي في التعبد بخبر الواحد أن يكون أثره نفس وجوب التصديق الذي يثبت له من طرف ذلك الحكم ولا مانع من شمول هذا الحكم لنفسه إما بجعل القضية طبيعية أو بتنقيح المناط بأن يكون معنى صدق العادل صدقه في تمام الآثار والأحكام الثابتة لقوله حتى نفس ذلك الأثر والحكم