لفظيا كلفظ " زيد " مثلا وكان في كل واحد من الجمل المتعددة مسمى بزيد كأن يقول: أكرم العلماء وأضف الشعراء وأعط الفقراء إلا زيدا، وكان في كل واحد من الجمل مسمى بزيد، أو كان المستثنى من باب العام المنطقي أي كان المستثنى طبيعة كلية وكانت لها مصاديق متعددة، وكان في كل من الجمل لها مصداق كما لو قال في المثال المذكور: إلا الفاسق، أو الجاهل وأمثالهما من العناوين الكلية، أو كان المستثنى من باب العام الأصولي كما لو قال في المثال المذكور، إلا الفساق، أو الجهال وأمثالهما.
والظاهر أن إمكان رجوع الاستثناء إلى تمام الجمل منحصر بأحد هذه الوجوه الثلاثة، ولا يتصور وجه آخر. والرجوع إلى الجميع بأحد هذه الوجوه الثلاثة إن كان بإخراج المستثنى عن كل واحد من الجمل مستقلا بأن يكون هناك إخراجات متعددة على حسب تعدد الجمل فالظاهر أنه مبني على القول بجواز استعمال لفظ المشترك في أكثر من معنى، أما فيما كان المستثنى مشتركا لفظيا فظاهر، وأما في الصورتين الأخيرتين فلأن الحصة التي تخرج من المستثنى عن كل واحدة من الجمل غير الحصة التي تخرج من الجملة الأخرى، مثلا الحصة من الفاسق التي تخرج من العلماء غير الحصة التي تخرج من الشعراء، لأن كل واحدة منهما متخصصة بخصوصية غير خصوصية الأخرى فيصير حال العام المنطقي والأصولي كالمشترك اللفظي في عدم جواز الرجوع إلى الجميع إلا على القول بجواز استعماله في أكثر من معنى.
وعلى القول بعدم جوازه بل استحالته فلا يجوز الرجوع إلى الجميع وإن كان بإخراج المستثنى عن مجموع الجمل بأن لا يكون هناك إلا إخراج واحد من المجموع بأن ينتزع من الجمل المتعددة عنوان واحد ويرجع الاستثناء إلى ذلك العنوان الانتزاعي.
ففيه: أن الحكم في كل واحد من الجمل معلق على كل واحد من العناوين الخاصة، وليس حكم معلقا على العنوان المنتزع عن مجموع الجمل حتى يرجع الاستثناء إليه.