على حد سواء. فتأمل.
والحاصل: أن المخاطبة لا تقتضي عقلا ولا وضعا أن يكون المخاطب موجودا في حال الخطاب، وإنما الذي يقتضيه العقل امتناع مخاطبة المعدوم المطلق، فإذا لم يكن مانع عن مخاطبة المعدوم في حال الخطاب الذي يوجد بعده فلا مانع من صحة استعمال أداة الخطاب، لأن وضعها لمخاطبة من يصح مخاطبته، فالمخاطبة مطلقا سواء كانت بأداة الخطاب أو لا لا يعتبر فيها عقلا ولا وضعا وجود المخاطب في الحال.
نعم لما كانت المخاطبة لأغراض مثل إفهام المخاطب واستفادته من الخطاب وإظهار الاشتياق والتلهف والتحسر وأمثالها كما أن الإنشاء يكون لأغراض مثل بعث المخاطب إلى فعل المبعوث إليه والتعجيز والتسخير والتحكم وأمثالها، ويكون لإفهام المخاطب تعين بالنسبة إلى سائر الأغراض الأخر كما أن للبعث تعين بالنسبة إلى الأغراض الأخر التي يصدر الأمر لأجلها اقتضى إطلاق الخطاب وجود المخاطب في الحال، بل لا يكفي صرف وجوده ولابد من حضوره أيضا، بل لا يكفي صرف حضوره ولابد من كونه ملتفتا عارفا باللغة التي تخاطب بها وغيرها من الأمور التي يتوقف استفادة المخاطب عليها، كما أن إطلاق الأمر يقتضي أن يكون الأمر لغرض البعث والتحريك، ويعتبر في المخاطب قدرته على المبعوث إليه وغيرها من الأمور المعتبرة في البعث.
والحال أنه لو كان الأمر لغير البعث من سائر الأغراض لا يعتبر في المأمور القدرة وغيرها من الأمور المعتبرة في البعث. وهذا الظهور إطلاقي حيث إنا نفهم من إطلاق قول القائل: " يا فلان " أن المخاطب موجود حاضر قابل للإفهام عارف باللغة وملتفت، كما أنا نفهم من إطلاق " أفعل كذا " أن فعل المأمور به هو المبعوث، وأن الأمر صدر لغرض البعث لا لسائر الأغراض والظهور الاطلاقي يصير محكوما ويرفع اليد عنه بأدنى ظهور على خلافه، فإذا كان اللفظ الذي أخذ في عنوان الخطاب قابلا للموجود فعلا وللمعدوم الذي سيوجد ك " يا أيها الناس " و