إمكانه فلا يجوز الرجوع إلى الجميع بهذا المعنى. وأما رجوعه إلى الجميع بمعنى المجموع بأن يلاحظ مجموع الجمل بمنزلة جملة واحدة وينتزع منها عنوان واحد ويرجع الاستثناء إليه فهو مبني على جواز التفكيك المذكور، وهو لحاظ كل واحدة من الجمل مفصلة في حال ورود الحكم المذكور في طرف المستثنى منه ولحاظ كل واحدة من الجمل مجملة في حال ورود الاستثناء. فإن قلنا بجوازه فلا مانع من الرجوع إلى الجميع بذاك المعنى، وإن قلنا بعدم جوازه فلا يصح الرجوع إلى الجميع. هذا بحسب عالم الثبوت والإمكان.
وأما بحسب عالم الإثبات والوقوع فهو أن تخصيص الأخيرة متيقن وتخصيص غيرها مشكوك ومجرد الإمكان لا يوجب الظهور فيؤخذ بالقدر المتيقن ويرجع في غيره إلى أصالة عدم التخصيص. ولا يخفى أن عدم ظهوره في الرجوع إلى الجميع لا ينافي منع انعقاد ظهور العمومات السابقة في العموم، وكونه من قبيل احتفاف الكلام بما يصلح للقرينية وموجبا لإجمال تلك العمومات.
فعلى هذا لا يمكن التمسك بحكم العام فيما عدا الجملة الأخيرة بالنسبة إلى مصاديق الخاص، لاحتمال خروج الخاص عن الجميع، ولا بحكم الخاص لاحتمال رجوعه إلى الأخيرة والشك في رجوعه إلى الجميع، فلابد من الرجوع في حكم الخاص من الجمل السابقة إلى الأصول العملية، هذا فيما إذا تعقب استثناء واحد لجمل مستقلة متعاطفة كما مر.
وأما لو تعقب استثناء واحد لمفردات متعاطفة كما لو قال: أكرم العلماء والشعراء والفقراء إلا الفاسق، فالأمر في رجوع الاستثناء إلى الجميع بمعنى المجموع أهون، حيث إن الحكم في الجميع واحد وانتزاع عنوان واحد إجمالي يكون هو المستثنى منه أسهل من انتزاعه من الجمل المستقلة موضوعا ومحمولا، هذا تمام الكلام في الاستثناء المتعقب لجمل متعددة.
وأما لو تعقب الوصف أو الغاية لجمل متعددة كما لو قال أكرم العلماء، وأكرم الشعراء، وأكرم الفقراء عدو لهم، أو إلى أن يفسقوا، فالظاهر أنهما كالاستثناء المتعقب لجمل متعددة فيما ذكرنا من التفصيل فتأمل.