الانتزاعي ليس موضوعا لحكم من الأحكام حتى يرجع الاستثناء إليه فلا يمكن الرجوع إلى الجميع بهذا الوجه أيضا.
ويمكن تصوير إمكان رجوع الاستثناء إلى الجميع بوجهين آخرين:
أحدهما: أن يكون المستثنى لفظا قابلا لأن يخرج من الأخيرة فيكون المخرج متحدا، ولأن يخرج من جميع الجمل فيكون المخرج متعددا وذلك كما إذا قال:
أكرم العلماء وأضف الشعراء وأعط الفقراء إلا واحدا، فإنه يمكن أن يرجع الاستثناء إلى الجملة الأخيرة فيكون المخرج متحدا، ويمكن أن يرجع إلى الجميع فيكون المخرج من كل واحد من العمومات واحدا والرجوع إلى الجميع هنا لا يمكن أن يكون بجعل الجمل المتعددة بمنزلة جملة واحدة وإرجاع الاستثناء إلى المجموع كما يمكن في مثل: " إلا الفساق " في المثال المذكور، إذ المخرج على تقدير رجوعه إلى الأخيرة فقط أو إلى المجموع واحدا. ولا ثمرة للنزاع في كونه راجعا إلى الأخيرة أو الجميع بخلاف " إلا الفساق " فإنه لو رجع إلى الأخيرة يكون المخرج هم الفساق من الفقراء ولو رجع إلى المجموع لكان الفساق من تمام العمومات.
وتوهم إمكان رجوع إلا الواحد إلى الجملة الأخيرة والى المجموع، فلو رجع إلى الأخيرة لكان الواحد مخرجا من خصوص الجملة الأخيرة، ولو رجع إلى المجموع لكان خارجا عن مجموع الجمل لا خصوص الأخيرة.
مدفوع بأن تخصيص الجملة الأخيرة مسلم، ومع تخصيصه به وخروج الواحد منها لا يمكن إرجاعه إلى الجميع بمعنى المجموع بأن يكون المخرج واحدا من المجموع، بل لابد في إرجاعه إلى الجميع بأن يكون المخرج من كل واحد من العمومات واحدا. ولكن لا يخفى أن استثناء الواحد ليس إلا كاستثناء " زيد " في تمام ما ذكر بلا فرق بينهما فلو لم يمكن رجوع إلا الواحد إلى الجميع بمعنى المجموع، بل لابد أن يكون رجوعه إلى الجميع بمعنى كل واحدة من الجمل مستقلا لكان " إلا زيدا " أيضا كذلك، فلا وجه لما ذكر سابقا في الوجوه الثلاثة من أن إمكان الرجوع إلى الجميع يمكن أن يكون بإخراجات متعددة. ويمكن أن