لا يكون الانفهام مستندا إلى اللفظ فقط، بل كان للقرينة دخل فيه وتكون جزءا للمقتضي.
ولكن فيه: أنه قبيل الوصول إلى ذلك الحد للقرينة دخل في الانفهام، ولا مانع منه، لأنه ما صار حقيقة فيه بعد وبعد الوصول إلى ذلك لا دخل لها فيه، لأنه مع قطع النظر عنها يسبق هذا المعنى إلى الذهن كما إذا كانت القرينة منفصلة، هذا بالنسبة إلى حدوث تلك العلاقة.
وكذا بالنسبة إلى زوالها أيضا حالها حال علاقة الملكية، فكما أن العلقة الملكية تزول بأمر اختياري كالنقل الاختياري وبأمر غير اختياري كالانتقالات القهرية المخرجة عن الملك كذلك تلك العلاقة قد تزول بأمر اختياري كالنقل عن المعنى الأول إلى معنى آخر، وقد تزول بأمر غير اختياري كالهجر.
فظهر أنه لا إشكال في أن الوضع كما يحصل بإنشاء الواضع بأن يقول: إني وضعت هذا اللفظ لذلك، كذلك يحصل بكثرة استعماله فيه إلى أن وصل إلى الحد المذكور، ويسمى الأول بالوضع التعييني والثاني بالوضع التعيني.
ولا إشكال فيه كما ظهر من مقايسة تلك العلاقة بعلاقة الملكية، وإنما الإشكال في أن حصول الوضع التعيينى موقوف على الإنشاء اللفظي بأن يقول:
وضعت هذا لذاك، أو يمكن حصوله بالفعل كأن يستعمل اللفظ في المعنى من غير كونه مسبوقا بوضع سابق وكان غرضه من ذلك الاستعمال وضعه له كأن يقال: خذ المصطفى مثلا واستعمل لفظ المصطفى في الولد المخصوص، وكان من هذا الاستعمال وضع هذا اللفظ له. ولا يلزم الجمع بين الإرادة الوضعية والإرادة الاستعمالية، لأن الإرادة تعلقت باستعماله فيه أولا وإرادته منه. والمقصود من هذا الاستعمال في هذا المعنى هو الوضع ثانيا، وحصول العلقة بين اللفظ والمعنى بهذا الاستعمال كحصول علاقة الملكية بين المالك والملك بالمعاطاة فكما أن الملكية يمكن إنشاؤها بالقول كالإنشاء بالعقود ويمكن انشاؤها بالفعل كالإعطاء والتسليط بقصد التمليك، ويوجد بهذا الفعل مصداق للتمليك كما يوجد بالإنشاء