أو محمولها ليس من عوارض ذاتية ما يكون موضوعا، أما مباحث الألفاظ فيلزم خروج جميعها عن المسائل الأصولية، لأن البحث عن كون صيغة الأمر للوجوب أو النهي للتحريم وهكذا غيرهما من مباحثها بحث عن حال كلي هذه الألفاظ لا بقيد كونها واردة في الكتاب أو السنة. ولا إشكال في أن كلي هذه الألفاظ ليس دليلا، وإنما الدليل ما وقع من هذه الألفاظ في الكتاب أو السنة، فهذه المباحث خارجة عن المسائل الأصولية من جهة الموضوع، وكذا يخرج البحث عن حجية الأدلة مثل البحث عن أن ظاهر الكتاب حجة أم لا؟ أو الإجماع حجة أم لا؟
وأمثالهما، فإن الموضوع في هذه المسائل التي يبحث فيها عن دليلية الأدلة وإن كان من مصاديق موضوع العلم - أعني الدليل - إلا أن المحمول ليس من عوارض ذاتية الدليل بما هو دليل وبعد الفراغ عن دليليته، لما عرفت من أنه لو كان الموضوع ذوات الأدلة مع قطع النظر عن دليليتها لكان الأمر كذلك.
ولكن يلزم الإشكال بصيرورة علم الأصول علوما أربعة لا علما واحدا، ولو كان الموضوع هو القدر الجامع - وهو عنوان الدليل - فلابد أن تكون الدليلية محرزة ويكون البحث عن عوارضها حتى تصير المسألة من المسائل الأصولية.
والبحث عن الدليلية ليس بحثا عن أعراض ذاتية الدليل بوصف كونه دليلا، بل من عوارض ذات الدليل، فالبحث عن هذه الطائفة من المسائل خارج عن المسائل الأصولية من جهة المحمول.
وأما البحث عن الأحكام العقلية فالبحث عن الأحكام العقلية المستقلة كمسألة التحسين والتقبيح العقليين وكذا باب الاستلزامات كاستلزام الأمر بالشيء لوجوب مقدمته أو لحرمة ضده خارج عن المسائل، لأن البحث فيها عن وجود الموضوع وهو حكم العقل، إذ ذات العقل ليس أحد الأدلة الأربعة، وإنما الدليل هو حكمه، وفي هذه المسائل يبحث أن هذا الحكم هل متحقق أم لا؟
وأما باب الملازمة بين حكم العقل والشرع فمقتضى النظر البدوي وإن كان عدم كون البحث فيها عن وجود الموضوع بل الحكم العقلي الموجود في المقام