ينازع في أنه مغاير مع الإرادة أو متحد معها، بل ينفي ذلك المعنى، فكيف يمكن النزاع في أن الأمر المنفي والمعدوم متحد مع الأمر الموجود أم لا؟ وإنما الطلب عندنا عبارة عن معنى إحداثي إيقاعي يحدثه المتكلم في الخارج، ولا شك في أنه مغاير للإرادة التي هي عبارة عن الصفة القائمة بالنفس، سواء قلنا بأنها عبارة عن العلم بالصلاح مطلقا، أو الشوق المؤكد مطلقا، أو قلنا بأنها بالنسبة إلى الله تعالى عبارة عن العلم بالصلاح وفي غيره عبارة عن الشوق المؤكد المحرك للعضلات نحو الفعل فيما كان المراد فعلا مباشريا أو الأمر به فيما كان فعلا تسبيبيا.
وكيف كان فلا شك في مغايرة الإرادة بأي معنى كانت مع الطلب الإيقاعي الإحداثي. نعم هنا مطلب آخر وهو أنه هل يكون تلازم بين الإرادة والطلب بالمعنى المذكور بحيث لا يمكن الانفكاك بينهما، أو يمكن الانفكاك كما في الأوامر الاعتذارية والامتحانية؟ ولكنه لا ربط له بمسألة اتحاد الطلب والإرادة فتأمل في المقام فإنه دقيق وبالتأمل حقيق.
فعلى هذا ينبغي حمل النزاع في أن الطلب معنى قائم بنفس المتكلم كما يقول به الأشعري، أو امر إحداثي إيقاعي خارجي ليس له قيام بالنفس كما قال به أهل الحق.
وصاحب الكفاية (قدس سره) قد حاكم بين الفريقين وجعلهما متحدين مفهوما وحقيقة وخارجا وإنشاء (1)، إلا أن المنصرف إليه من الإرادة هي الإرادة الحقيقية والمنصرف إليه من الطلب هو الطلب الانشائي، فراجع كلامه.
فتحصل أن النزاع هنا في أمرين.
أحدهما: في أمر لبي، وهو أن غير الصفات المعروفة من العلم والإرادة والكراهة وغيرها هل في النفس صفة أخرى تكون هي (2) الكلام النفسي أم لا؟
فالأشاعرة قالوا بثبوتها من جهة أنه لا ريب في أن الله تعالى يتصف بأنه متكلم، ولا ريب في أن صفة القديم لابد أن تكون قديمة، والكلام اللفظي أمر حادث لا