الخارجية، وإحراز أن اعتقاد هذا المتكلم لا يخطئ عن الواقع بما يكون طريقا لهذا الإحراز يستكشف أن هذا الخبر صادق، ومن عدم الموازنة بين هذه النسب الثلاث يستكشف أنه كاذب فالمدلول في كلتا صورتي الصدق والكذب شيء واحد وهو إيقاع النسبة الثبوتية أو السلبية، وبعبارة أخرى إيجاد الربط أو سلب الربط، وبعبارة ثالثة الحكم بالوقوع أو اللا وقوع، وبعبارة رابعة الإيقاع والانتزاع والصدق والكذب خارجان عن مدلول الجمل الخبرية، وإنما يتصف الخبر بهما من جهة المطابقة والموازنة بين النسب الثلاث وعدم الموازنة والمطابقة.
وأما الجمل الإنشائية فحالها كحال الجمل الخبرية في أن مدلولها أمر إيقاعي إحداثي، وهو إنشاء تلك المعاني وايجادها، فالمدلول بالأمر والنهي والاستفهام والتمني والترجي هو إنشاء هذه المعاني وايجادها، سواء كان الداعي إلى ايجادها ثبوت تلك المعاني في النفس أو شيء آخر. ولا يتفاوت مدلولها في الصورتين فإن مدلول اضرب - مثلا - أمر إيجادي ايقاعي، وهو البعث والتحريك نحو المادة والمطلوب، إذ البعث نحو المطلوب كما يمكن أن يقع بالتحريك الخارجي فإذا حرك الشخص شخصا آخر نحو مطلوبه فقد أوجد البعث في الخارج كذلك يقع بالتحريك القولي، فإذا قال له: اضرب زيدا فقد حركه نحو مطلوبه وقد أوجد البعث في الخارج بهذا القول وهكذا الحال في سائر الانشاءات، فالمدلول في جميعها أمر ايقاعي إحداثي بلا فرق بين أن يكون الداعي إلى ايجادها ثبوت هذه المعاني في النفس أو غيره.
نعم لا مضايقة من دلالتها إلتزاما على ثبوت تلك المعاني في النفس، وأنها ظاهرة في مورد كان استعمالها بداعي ثبوت تلك المعاني في النفس إما وضعا كما قيل (1)، أو انصرافا على ما هو المختار، كما سنشير إن شاء الله إلى هذا في صيغة أفعل وما بمعناها.
والحاصل: أنه لا إشكال في أن مداليل الجمل الإنشائية أمور إيقاعية إيجادية