للمجهول، والحاصل أنه لابد في صدق المشتق وجريه على الذات تلبس الذات بالمبدأ بنحو من أنحاء التلبس، سواء كان بالقيام بالذات، أو بالصدور عنها، أو بالحلول فيها، أو بالوقوع عليها، أو بالانتزاع عنها مفهوما مع اتحاده معها خارجا كما في صفاته تعالى، أو مع عدم تحقق إلا للمنتزع منه كما في الإضافات والاعتبارات.
ولا ريب أن اختلاف التلبسات قد ينشأ من ناحية المبدأ وقد ينشأ من ناحية الهيئة، وكما يختلف التلبس باختلاف المبدأ من حيث كونه لازما أو متعديا كذلك يختلف باختلاف المبدأ بين كونه من المبادئ المجردة أو المزيد فيها على اختلاف فيه أيضا من جهة الفرق بين المشتق من باب الأفعال والافتعال والتفعل والتفعيل والاستفعال.
فعلى هذا لا وجه لإلزام الأشاعرة بأنه لابد من كون المبدأ قائما بالذات المتلبسة به في صدق المشتق حقيقة حتى يقعوا في محذور التزام الكلام النفسي الذي هو أمر غير معقول كما بين في محله إن كان التزامهم به من هذه الجهة. ولكن الظاهر أن التزامهم به إنما كان من جهة تصحيح فعل الثالث كما لا يخفى، مع أن المتكلم بمعنى موجد الكلام معنى قائم به، ولو كان المراد بالكلام الكلام اللفظي فهو كالخالق وغيره من الأوصاف، فلا فرق في إطلاق متكلم عليه تعالى وعلينا إلا بأنه يوجد الكلام في الجسم الخارجي كالشجر وأمثالها بلا آلة، ونحن نوجده بآلة خاصة وجارحة مخصوصة.
وكذلك لا وجه للقول الآخر وهو القول بأنه لابد أن يكون التلبس بنحو الصدور لاستدلالهم بصدق الضارب والمؤلم على الشخص مع قيام الضرب والألم بالمضروب والمؤلم - بالفتح - مع أن الضرب إن أريد به معناه الحقيقي يمكن أن يقال: إنه قائم بالضارب وأن الذي قائم بالمضروب إنما هو أثره، وكذلك مبدأ مؤلم وهو الإيلام قائم بالمؤلم - بالكسر - وإنما القائم بالمؤلم - بالفتح - هو الألم وهو ليس مبدأ المؤلم.