المتكلم عليه تعالى. والحال أنه يصح إطلاقه عليه ولو لم نقل بالكلام النفسي.
والثاني: في أمر لفظي وهو أن المدلول بالكلام اللفظي هو هذا المعنى القائم بالنفسي المغاير للصفات المعروفة بناء على ثبوته أم لا؟ والنزاع في هذا الأمر متفرع على الأمر الأول ولا ملازمة في حد نفسه بين القول بثبوت معنى في النفس مغاير للصفات المعروفة، وكونه مدلولا للكلام النفسي إذ يمكن القول بثبوته مع المنع عن كونه مدلولا للكلام اللفظي، لكن الأشاعرة لما كان إلتزامهم بالمعنى المذكور من جهة الجائهم إلى القول بثبوته وكونه مناطا في صدق المتكلمية وكونه كلاما حقيقة كما قيل:
إن الكلام لفي الفؤاد وإنما * جعل اللسان على الفؤاد دليلا (1) واطلاق الكلام على اللفظ الدال عليه إنما هو بالعناية ومن جهة العلاقة فلابد من أن يكون ذلك المعنى هو مدلول الكلام اللفظي عندهم.
فإن قيل: إذا لم يكن ذلك المعنى مدلولا للكلام اللفظي فما مدلوله.
فنقول: أما المفردات فلا إشكال في أن معانيها عبارة عما وضعت لها وأما الجمل فالخبرية منها مدلولها عبارة عن النسب الإيقاعية الإحداثية يحدثها المتكلم بين الطرفين، فإن كانت تلك النسبة الايقاعية مطابقة للنسبة الإعتقادية، وهي مطابقة للنسبة الخارجية يصير صادقا، وإلا كاذبا. فالمدلول في صورتي الصدق والكذب شيء واحد، وهو ايقاع الربط وإحداثه بين الطرفين. والتفاوت بالصدق والكذب إنما هو من جهة مطابقة هذه النسبة الربطية الايقاعية مع النسبة الاعتقادية والخارجية أو إحداهما على الخلاف في مسألة الصدق والكذب وعدم مطابقتها.
والحاصل: أن مدلول الجمل الخبرية عبارة عن النسب الايقاعية ومن موازنتها مع النسب الاعتقادية واستكشاف أن ما أوقعها المتكلم من النسب مطابق لاعتقاده بما يكون طريقا لهذا الاستكشاف، وموازنة النسب الاعتقادية مع النسب