ولو كانت عباداتها كلها فاسدة فلا وجه للفرق بين الزكاة وغيرها، فالفرق إنما هو من جهة أن اعطاءه الزكاة كان للمخالفين، وهم غير مستحقين لها فكان مثل ما إذا أعطاها الغني، فلذا يجب عليه الإعادة كما أن المؤمن إذا صرف الزكاة في غير مصرفه يجب عليه الإعادة، وأما باقي العبادات فلوقوعها صحيحة لا يحتاج إلى الإعادة.
وتوهم كونهم كالكفار في سقوط الإعادة عنهم مدفوع، بأنهم فرقوا في سقوط القضاء والإعادة بين ما إذا أتى المخالف بتلك العبادات على وجه الصحة على مذهبهم فيسقطان عنه وبين ما إذا لم يأت بها أصلا أو أتى بها فاسدة على مذهبهم فيجبان عليه، فلو كانوا مثل الكفار لكان اللازم سقوطهما عنه مطلقا، وعلى تقدير تسليم فساد عباداتهم مطلقا يمكن أن يقال: إن المراد من أخذهم وعملهم هو الأخذ بالصحيح وإن كان بحسب اعتقادهم ويكون من باب الخطأ في التطبيق، فإنهم بحسب عقيدتهم الفاسدة إنما يأتون بما هو الصحيح الذي بني عليه الإسلام، ولكنهم أخطأوا في التطبيق.
ويمكن أن يقال: إن محل النزاع بين الصحيحي والأعمي إنما هو بالنسبة إلى الأجزاء والشرائط المعتبرة في المأمور به، وأن التسمية إنما وقعت بالنسبة إلى الواجد لجميع الأجزاء والشرائط، أو الأعم منه ومن الفاقد لا بالنسبة إلى الشرائط المعتبرة في المأمور والمكلف، فتدبر. هذا بالنسبة إلى الفقرة الأولى من الرواية وهو قوله: فأخذ الناس بأربع... إلى آخره.
وأما بالنسبة إلى الفقرة الثانية فلا يتأتى بعض هذه الأجوبة، ولكن بعضها الآخر كاف في دفع الاشكال:
ومنها: الاستدلال بقوله (عليه السلام): " دعي الصلاة أيام أقرائك " (1) فإنه قد أمر الحائض بترك الصلاة في أيام الحيض، فإن كانت الصلاة اسما للأعم من الصحيح والفاسد يمكن تعلق الأمر بفعلها وتركها لقدرتها على كلا الطرفين، بخلاف ما لو