كانت إسما لخصوص الصحيح فإنه كما لا يمكن أمرها بفعلها كذلك لا يمكن أمرها بتركها، إذ القدرة على الفعل والترك على حد سواء فما لا يكون فعله مقدورا لا يكون تركه مقدورا أيضا، فكما أن الأمر بفعله تكليف بغير مقدور أمره بتركه أيضا تكليف بغير مقدور.
وفيه: أولا: أن المراد من قوله: " دعي الصلاة " إنما هو الإرشاد إلى عدم إمكانها منها في الخارج كقولك لمن أراد الطيران إلى السماء: لا تطر إلى السماء فإنه كناية عن أنه لا تطر فإنك لا تقدر على الطيران إلى السماء. فعلى هذا المراد من الصلاة في قوله: دعي الصلاة أيام أقرائك هو خصوص الصحيح وأمره بترك الحائض إياها كناية عن عدم قدرتها عليها في تلك الحالة.
وثانيا: على فرض تسليم عدم كونه إرشاديا يمكن أن يقال: إن الأوامر والنواهي في باب العبادات غيرية لبيان الجزئية والشرطية والمانعية، فالأمر بترك الحائض للصلاة في حال الحيض الذي هو في معنى النهي عن فعلها في تلك الحالة إنما هو لبيان مانعية الحيض بالنسبة إلى الصلاة.
فعلى هذا يكون المنهي عنه هي الصلاة الصحيحة من غير تلك الجهة أي من غير جهة الحيض، فيستفاد منه أن الحيض مانع عن الصلاة فكأنه قال: أيها الحائض اترك في حال حيضك ما لو وقعت في غير حال الحيض تكون صلاة صحيحة، فلولا هذا النهي لما كان دليل على مانعية الحيض كما في قوله: لا تصل فيما لا يؤكل لحمه (1)، وأمثاله مما يكون النهي لبيان المانعية، فتدبر.
مع أنه يمكن أن يقال: كما عرفت أن محل النزاع بين الصحيحي والأعمي هي الصحة المعتبرة في ناحية المأمور به لا المأمور، فكما أنه يمكن أن لا يتعلق الأمر والتكليف بالصلاة الجامعة لجميع الأجزاء والشرائط المعتبرة في المأمور به بالنسبة إلى شخص كالصبي بناء على عدم شرعية عباداته أو المجنون فكذلك