النذر، فيلزم من صحة النذر عدم صحته.
وبعبارة أخرى صحة النذر متوقفة على كون متعلقه مقدورا، فإذا تعلق النذر بترك صلاة الصحيح فيصير فعله غير مقدور من جهة صيرورته منهيا عنه، وإذا صار منهيا يصير فاسدا، وإذا صار فاسدا يخرج عن كونه مقدورا، وإذا صار فعله غير مقدور فيصير تركه - الذي [هو] متعلق النذر - غير مقدور، وإذا صار الترك غير مقدور خرج عن قابلية تعلق النذر به، وإذا خرج عن قابلية تعلق النذر به فلا يتعلق به النذر وإذا لم يتعلق به النذر يصير صحيحا، وإذا صار صحيحا يصح تعلق النذر به، وإذا تعلق به النذر يصير غير مقدور، وإذا صار غير مقدور فلا يتعلق به النذر، وهكذا فيلزم من وجود الشيء وهو صحة تعلق النذر عدمه، أي عدم صحة تعلق النذر، وما يلزم من وجوده عدمه فهو محال.
هذا تقريب المحالية واستلزام وجود الشيء لعدمه بالنسبة إلى صحة النذر، وظهر أنه يلزم من صحة النذر عدم صحته ومن تعلقه عدم تعلقه ومن وجوده عدم وجوده على اختلاف العبارات.
ويمكن تقريب الاستحالة واستلزام وجود الشيء لعدمه بالنسبة إلى صحة الصلاة فإنه لو لم تكن الصلاة صحيحة لم يتعلق بها النذر، فلابد أن تكون صحيحة حتى يتعلق النذر بتركها، وإذا كانت صحيحة وتعلق النذر بتركها يصير فعلها منهيا عنها، وإذا صارت منهيا عنها فتكون فاسدة، وإذا صارت فاسدة لا يتعلق بها النذر، وإذا لم يتعلق بها النذر فتكون صحيحة، وإذا كانت صحيحة فيتعلق بها النذر، وإذا تعلق بها النذر فيصير فعلها فاسدا، وإذا صار فعلها فاسدا لكونه منهيا عنه لا يتعلق به النذر، وهكذا فيلزم من فرض صحة الصلاة عدم صحتها، بل يمكن هذا التقريب بالنسبة إلى الحنث أيضا، فإنه عبارة عن ايجاد ما تعلق النذر بتركه، فإذا تعلق النذر بترك الصحيح فحنث النذر إنما هو بايجاد المنذور تركه، وايجاده منهي عنه فيكون فاسدا، وإذا كان فاسدا فلا يكون ايجاده حنثا، فيلزم من وجود الحنث عدمه، فتأمل.