والشرائط. وهذا المقدار من التبين كاف فيما نحن بصددة وهو إثبات الوضع بالنسبة إليه وإن لم يكف في تعيين حقيقة الموضوع له وأنه أي شيء، نعم لو لم يكن مبينا بوجه من الوجوه لا يمكن دعوى التبادر بالنسبة إليه.
والحاصل: أنه يكفي في دعوى التبادر وانسباق الصحيح إلى الذهن من لفظ الصلاة وأمثالها مع كون المقصود هو مصداق الصحيح لا مفهومه تبين المصداق وإمكان الإشارة إليه بأحد العناوين المذكورة وإن لم يكن بحقيقته معلوما، فلا يشكل بأن دعوى تبادر الصحيح تتناقض مع الإجمال الذي [هو] لازم القول بأن الموضوع له هو الصحيح، فكيف يمكن دعوى التبادر بالنسبة إلى أمر غير معلوم؟
لأن التناقض إنما يلزم لو لم يكن المعنى الموضوع له مبينا لا بحقيقته ولا بوجه من وجوهه، وأما إذا كان مبينا بوجه من الوجوه فلا يلزم، وهنا الموضوع له مبين بأزيد من وجه واحد كما عرفت.
فعلى هذا لا مانع من دعوى تبادر الصلاة الصحيحة من لفظ الصلاة المجردة عن القرينية، إما في لسان الشارع بناء على القول بثبوت الحقيقة الشرعية أو في لسان المتشرعة في هذه الأزمنة المتأخرة الملازم للوضع في كلام الشارع، أو كونها مجازا مشهورا خصوصا في زمان الصادقين، للعلم بأنه لا اختلاف بين هذه الأزمنة المتأخرة وزمان الصادقين، فلو كان لها وضع ناش من كثرة الاستعمال في هذه الأزمنة لكان في زمن الصادقين أيضا كذلك. فإذا تبادر الصحيح من لفظ الصلاة في هذا الزمان وأثبتنا بالتبادر كونها موضوعة للصحيحة في هذا الزمان نعلم بأنه كان الأمر كذلك في زمان الصادقين، لأن كثرة الاستعمال الموجبة لحصول الوضع التعيني في زمانهما يقينا تحققت بواسطة كثرة الحاجة إلى استعمالها في مقام بيان أحكامها، والحث والترغيب إليها وبيان آثارها وآدابها، فكونها حقيقة في المصححة في هذه الأزمنة مستلزم لكونها حقيقة في زمانهما، وأما بالنسبة إلى الزمان السابق عليهما وإن لم يستلزم كونها حقيقة إلا أنه يستلزم كونها مجازا مشهور.