صلى الله عليه وآله وسلم إذا ارتفع النهار وذهب كل أحد وانقلب الناس خرج إلى المسجد فركع ركعتين أو أربعا ثم ينصرف. وعن رجل من الصحابة عند ابن عدي أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي الضحى. وعن ابن عباس حديث آخر عند ابن أبي حاتم أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال: أمرت بالضحى ولم تؤمروا بها. وعن الحسن بن علي عند البيهقي قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من صلى الفجر ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى من الضحى ركعتين حرمه الله على النار أن تلحقه أو تطعمه. وعن عبد الله بن جراد بن أبي جراد عند الديلمي عن النبي (ص) قال: المنافق لا يصلي الضحى ولا يقرأ * (قل يا أيها الكافرون) *. وعن عمر بن الخطاب عند حميد بن زنجويه بنحو حديث عبد الله بن عمرو بن العاص المتقدم، وله حديث آخر عند ابن أبي شيبة. وعن أبي هريرة حديث آخر عند أبي يعلى بسند رجال ثقات بنحو حديث عبد الله بن عمرو بن العاص السابق. (وهذه الأحاديث) المذكورة تدل على استحباب صلاة الضحى، وقد ذهب إلى ذلك طائفة من العلماء منهم الشافعية والحنفية، ومن أهل البيت علي بن الحسين وإدريس بن عبد الله. (وقد جمع ابن القيم) في الهدى الأقوال فبلغت ستة، الأول: أنها سنة واستدلوا بهذه الأحاديث التي قدمناها. الثاني: لا تشرع إلا لسبب واحتجوا بأنه صلى الله عليه وسلم لم يفعلها إلا لسبب فاتفق وقوعه وقت الضحى وتعددت الأسباب، فحديث أم هانئ في صلاته يوم الفتح كان لسبب الفتح، وأن سنة الفتح أن يصلي عنده ثمان ركعات، قال: وكان الامراء يسمونها صلاة الفتح، وصلاته عند القدوم من مغيبه كما في حديث عائشة كانت لسبب القدوم، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين، وصلاته في بيت عتبان بن مالك كانت لسبب وهو تعليم عتبان إلى أين يصلي في بيته النبي صلى الله عليه وآله وسلم لما سأل ذلك. (وأما أحاديث) الترغيب فيها والوصية بها فلا تدل على أنها سنة راتبة لكل أحد، ولهذا خص بذلك أبا هريرة وأبا ذر ولم يوص بذلك أكابر الصحابة.
والقول الثالث: أنها لا تستحب أصلا. والقول الرابع: يستحب فعلها تارة وتركها أخرى.
والقول الخامس: تستحب صلاتها والمحافظة عليها في البيوت. والقول السادس: أنها بدعة روي ذلك عن ابن عمر، وإليه ذهب الهادي عليه السلام والقاسم وأبو طالب، ولا يخفاك أن الأحاديث الواردة بإثباتها قد بلغت مبلغا لا يقصر البعض منه عن اقتضاء الاستحباب. وقد جمع الحاكم الأحاديث في إثباتها في جزء مفرد عن نحو عشرين نفسا من