وثانيا بأنه يعلم بالضرورة أن المقيم المتردد غير مسافر حال الإقامة، فإطلاق اسم المسافر عليه مجاز باعتبار ما كان عليه أو ما سيكون عليه.
باب من اجتاز في بلد فتزوج فيه أو له فيه زوجة فليتم عن عثمان بن عفان: أنه صلى بمنى أربع ركعات فأنكر الناس عليه فقال: يا أيها الناس إني تأهلت بمكة منذ قدمت وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول:
من تأهل في بلد فليصل صلاة المقيم رواه أحمد.
الحديث أيضا أخرجه البيهقي وأعله بالانقطاع، وفي إسناده عكرمة بن إبراهيم وهو ضعيف كما قال البيهقي. وأخرجه أيضا عبد الله بن الزبير الحميدي، قال في الهدى: قال أبو البركات ابن تيمية: ويمكن المطالبة بسبب الضعف. فإن البخاري ذكر عكرمة المذكور في تاريخه ولم يطعن فيه، وعادته ذكر الجرح والمجروحين. قال في الفتح: هذا حديث لا يصح لأنه منقطع وفي رواته من لا يحتج به، ويرده قول عروة أن عائشة تأولت ما تأول عثمان، ولا جائز أن تؤول عائشة أصلا، فدل على وهي ذلك الخبر، قال: ثم ظهر أنه يمكن أن يكون مراد عروة بقوله: تأولت كما تأول عثمان التشبيه بعثمان في الاتمام بتأويل . لا اتحاد تأويلهما، ويقويه أن الأسباب اختلفت في تأويل عثمان فتكاثرت بخلاف تأويل عائشة. وقد أخرج ابن جرير في تفسير سورة النساء أن عائشة كانت تصلي في السفر أربعا، فإذ احتجوا عليها تقول: إن النبي (ص) كان في حروب وكان يخاف فهل تخافون أنتم؟ وقيل في تأويل عائشة أنها إنما أتمت في سفرها إلى البصرة لقتال علي عليه السلام، والقصر عندها إنما يكون في سفر طاعة. قال في الفتح: وهذان القولان باطلان لا سيما الثاني، قال: والمنقول في سبب إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصا بمن كان شاخصا سائرا. وأما من أقام في مكان في أثناء سفره فلحكم المقيم فيتم، والحجة فيه ما رواه أحمد بإسناد حسن عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال: لما قدم علينا معاوية حاجا صلى بنا الظهر ركعتين بمكة ثم انصرف إلى دار الندوة، فدخل عليه مروان وعمرو بن عثمان فقالا له: لقد عبت أمر ابن عمك لأنه كان قد أتم الصلاة، قال: وكان عثمان حيث أتم الصلاة إذا قدم مكة صلى بها الظهر والعصر والعشاء أربعا ربعا، ثم إذا خرج إلى منى وعرفة قصر الصلاة، فإذا فرغ الحج وأقام بمنى أتم الصلاة.