البلوغ برئ من كل جرحة فلما بلغ مسلما فالاسلام خير بل هو جامع لكل خير فقد صح منه الخير فهو عدل حتى يوقن منه بضد ذلك فقلنا: إذا بلغ المسلم فقد صار في نصاب من يكتب له الخير ويكتب عليه الشر ولا يمكن أن يكون أحد سلم من ذنب قال تعالى: (ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة) وقال تعالى: (ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة) فصح أنه لا أحد الا وقد ظلم نفسه واكتسب اثما فإذ قد صح هذا ولا بد فلا بد من التوقف في خبره وشهادته حتى يعلم أين أحلته ذنوبه في جملة الفاسقين فتسقط شهادته بنص كلام الله تعالى: (ان جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) أم في جملة المغفور لهم ما أذنبوا وما ظلموا فيه أنفسهم وما كسبوا من اثم بالتوبة أو باجتناب الكبائر والتستر بالصغائر بفضل الله تعالى علينا * قال أبو محمد: وقال أبو يوسف: من سلم من الفواحش التي تجب فيها الحدود وما يشبه ما يجب فيه الحدود من العظائم وكان يؤدى الفرائض وأخلاق البر فيه أكثر من المعاصي قبلنا شهادته لأنه لا يسلم عبد من ذنب، وإن كانت المعاصي أكثر من أخلاق البر رددنا شهادته ولا نجيز شهادة من يلعب بالشطرنج ويقامر عليها، ولا من يلعب بالحمام ويطيرها. ولا من يكثر الحلف بالكذب * قال أبو محمد: هذا كلام متناقض لأنه بناه على كثرة الخير وكثرة الشر وهذا باطل لأنه من ثبت عليه زنا مرة فهو فاسق حتى يتوب ثم رد الشهادة باللعب بالحمام وما ندري ذلك محرما ما لم يسرق حمام الناس، وقال الشافعي: إذا كان الأغلب والأظهر من أمره الطاعة والمروءة قبلت شهادته وإذا كان الأغلب من أمره المعصية وخلاف المروءة ردت شهادته * قال أبو محمد: كان يجب أن يكتفى بذكر الطاعة والمعصية وأما ذكره المروءة ههنا ففضول من القول وفساد في القضية لأنها إن كانت من الطاعة فالطاعة تغنى عنها وإن كانت ليست من الطاعة فلا يجوز اشتراطها في أمور الديانة إذ لم يأت بذلك نص قرآن ولا سنة، وقال مالك في رواية محمد بن عبد الحكم عنه: من كان أكثر أمره الطاعة ولم يقدم على كبيرة فهو عدل وهو (1) قول أبى سليمان. وأصحابنا وهو الحق كما بينا وبالله تعالى التوفيق * 1786 مسألة ولا يجوز أن يقبل في الزنا أقل من أربعة رجال عدول مسلمين أو مكان كل رجل امرأتان مسلمتان عدلتان فيكون ذلك ثلاثة رجال وامرأتين أو
(٣٩٥)