قال أبو محمد: فإن كان تعظيم الحلف عند منبره عليه الصلاة والسلام موجبا لان لا يحلف المطلوبون الا عنده فان تعظيمه عليه الصلاة والسلام الحلف بعد صلاة العصر موجب أيضا أن لا يحلف المطلوبون الا في ذلك الوقت، وهذا خلاف قولهم، ثم العجب كله قياسهم سائر الجوامع على مسجده صلى الله عليه وسلم ولا خلاف في أنه لا فضل لجامع في سائر البلاد على سائر المساجد وانه لو جعل مسجد آخر جامعا وترك التجميع في الجامع لما كان في ذلك حرج أصلا ولا كراهة، فمن أين خرجت هذه القياسات الفاسدة؟ فان قالوا: فعلنا ذلك ليزدجر المبطل قلنا: فافعلوا ذلك في القليل والكثير فان الوعيد جاء في ذلك كله في القرآن والسنة سواء حتى في قضيب من أراك الا إن كان القليل عندكم خفيفا فهذا مذهب النظام. وأبى الهذيل العلاف. وبشر بن المعتمر وهم القوم لا يتكثر بهم، وأيضا فان المحق قد يخشى السمعة والشهرة في حمله إلى الجامع فيترك حقه فقد حصلتم بنظركم على ابطال الحقوق وأف لهذا نظرا * قال أبو محمد: فصح أنه لو وجبت اليمين في مكان دون مكان وفى حال دون حال لبينها عليه الصلاة والسلام فإذ لم يبين ذلك فلا يخص باليمين مكان دون مكان ولا حال دون حال، وأما مقدار ما يرى فيه مالك. والشافعي التحليف في الجوامع فقد ذكرنا أن الشافعي ذكر أن عبد الرحمن بن عوف أنكر التحليف عند الكعبة الا في دم أو كثير من المال، وهذا ليس بشئ لوجوه، أولها انها رواية ساقطة لا يدرى لها أصل ولا منبعث ولا مخرج، ثم لو صحت فلا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أن عبد الرحمن مات زمن عثمان رضي الله عنهما فوالي مكة يومئذ كان بلا شك من الصحابة لقرب العهد فليس قول عبد الرحمن أولى من قول غيره من الصحابة ثم لم يحد عبد الرحمن في كثير المال ما حده مالك والشافعي وما نعلم أحدا سبق مالكا إلى تحديد ذلك بثلاثة دراهم ولا من سبق الشافعي إلى تحديده بعشرين دينارا، فان قيل إن في ثلاثة دراهم تقطع اليد فيها قلنا: ومن حد ذلك إنما حد قوم بربع دينار واما بثلاثة دراهم فلا، ويعارض هذا تحديد الشافعي بان عشرين دينارا تجب فيها الزكاة فمن أين وقع لهم تخصيص ذلك دون مائتي درهم التي صح فيها النص؟ أو يعارضهم آخرون بمقدار الدية وهذا كله تخليط لا معنى له، ويقال لهم: أترون ما دون ما تقطع فيه اليد أيتساهل في ظلم المسلمين فيه حاش لله من هذا، وقد وجدنا ألف ألف دينار تؤخذ غصبا فلا يجب فيها قطع والغصب والسرقة سواء في أنهما ظلم وأخذ مال بالباطل ولعل الغاصب أعظم اثما لاهتضامه المسلم علانية بل لا نشك في أن غاصب دينار أعظم اثما من سارق ربع دينار وفى المسلمين من الدرهم عنده عظيم لفقره وفيهم من ألف دينار
(٣٩٢)