وتركوا ما أصلوا، وهذه صفات شائعة في أكثر أقوالهم وبالله تعالى التوفيق، فسقط هذا القول أيضا، وأما قول أبي حنيفة ففي غاية الفساد لأنه قول لم يتعلق بقرآن. ولا سنة صحيحة. ولا رواية سقيمة. ولا قول صاحب. ولا تابع ولا أحد نعلمه قبله. ولا بقياس ولا برأي سديد. ولا احتياط بل هو مخالف لكل ذلك. وما وجدناهم موهوا الا بكذب فاضح من دعواهم ان قولهم موافق لقول عمر وكذبوا كما يرى كل ذي فهم مما أوردنا وحكموا بالاستسعاء وخالفوا حديث الاستسعاء في اجازتهم الذي لم يعتق أن يعتق وأن يضمن في حال اعسار الشريك وأجازوا له أن يعتق ومنعوه ان يحتبس ثم أتوا بمقاييس سخيفة على المكاتب والمكاتب عندهم قد يعجز، فيرق ولا يرق عندهم المستسعى وغير ذلك مما لم يفارقوا فيه الكذب البارد، فان قالوا: ان كل فصل من قولنا موجود في حديث من الأحاديث قلنا: وموجود أيضا خلافه بعينه في هذه القضية فمن أين أخذتم ما أخذتم وتركتم ما تركتم هكذا مطارفة؟ وأيضا فلا يوجد في شئ من الآثار خيار في تضمين الموسر أو ترك تضمينه ولا رجوع الموسر على العبد ولا تضمين العبد في حال يسار الذي أعتقه أصلا وبالله تعالى التوفيق، وسائر الأقوال لا متعلق لها أصلا، وأما قول مالك والشافعي فوجدناهم يحتجون بما روينا من طريق مسلم نا محمد بن عبد الله بن نمير نا أبى نا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أعتق شركا له من مملوك فعليه عتقه كله إن كان له مال يبلغ ثمنه فإن لم يكن له مال عتق منه ما عتق * قال أبو محمد: ما نعلم لهم حجة غير هذا أصلا وهو خبر صحيح الا أنه قد جاء خبر آخر بزيادة عليه لا يحل تركها، وقد أقدم بعضهم فزاد في هذا الخبر (ورق منه ما رق) وهي موضوعة مكذوبة لا نعلم أحدا رواها لا ثقة ولا ضعيف، ولا يجوز الاشتغال بما هذه صفته وليس في قوله عليه الصلاة والسلام والا فقد عتق منه ما عتق دليل على حكم المعسر أصلا وإنما هو مسكوت عنه في هذا الخبر، ولا شك في أنه قد عتق منه ما عتق وبقى حكم المعسر فوجب طلبه من غير هذا الخبر على أنه قد قيل: إن لفظة (وإلا فقد عتق منه ما عتق) إنما هو من كلام نافع ولسنا نلتفت إلى هذه لأنه دعوى بلا دليل لكن ينبغي طلب الزيادة فإذا وجدت صحيحة وجب الاخذ بها، وبالله تعالى نتأيد * فلم يبق الا قولنا فوجدنا الحجة له ما روينا من طريق مسلم بن الحجاج نا عمرو الناقد. وإسماعيل - هو ابن علية كلاهما عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أعتق شقصا (1) له في عبد فخلاصه في ماله إن كان له مال
(١٩٨)