قال أبو محمد: فعدنا إلى قولنا فوجدنا الله تعالى قد حض على الصدقة، وفعل الخير.
والفضل كانت الهبة فعل خير وقد علم عز وجل أن في أموال المحضوضين على الهبة والصدقة مشاعا وغير مشاع فلو كان تعالى لم يبح لهم الصدقة والهبة في المشاع لبينه لهم ولما كتمه عنهم ومن حرم عن الله تعالى أو أوجب ما لم ينص الله عز وجل على تحريمه وايجابه على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم المأمور بالتبليغ. والبيان فقد كذب على الله تعالى وافترى عليه وهذا عظيم جدا فصح يقينا ان هبة المشاع والصدقة به واجازته ورهنه جائز كل ذلك فيما ينقسم وما لا ينقسم للشريك ولغيره للغنى وللفقير وما كان ربك نسيا * ومن طريق ابن أبي شيبة نا وكيع نا شريك عن إبراهيم بن المهاجر عن قيس بن أبي حازم (قال: أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبة شعر من الغنيمة فقال: يا رسول الله هبها لي فانا أهل بيت نعالج الشعر فقال عليه الصلاة والسلام: نصيبي منها لك) وهم يحتجون بالمرسل، وبرواية شريك.
وإبراهيم بن المهاجر فما صرفهم عن هذا الخبر؟ وقد صح عن أسماء بنت أبي بكر الصديق أنها قالت للقاسم بن محمد بن أبي بكر. ولعبد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر: انى ورثت عن أختي عائشة مالا بالغابة وقد أعطاني معاوية بها مائة الف فهو لكما لأنهما لم يرثا من أم المؤمنين شيئا إنما ورثا أسماء. وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر فهذا هبة لغنيين مكثرين مشاعة فعل أسماء رضى الله تعالى عنها بحضرة الصحابة رضي الله عنهم ولا يعرف لها منهم مخالف، وصدقات الصحابة علي بنيهم وبنى بنيهم بغلة أوقافهم أشهر من الشمس صدقة أو هبة لأغنياء بمشاع * ورويناه من طريق محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده فذكر قصة حنين وطلب هوازن عيالهم وأبناءهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم فقال المهاجرون والأنصار: وما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم) وذكر الحديث، فهذه هبة مشاع وهم يحتجون بهذه الطريق إذا وافقت تقليدهم أو الخبر الذي رويناه من طريق مسلم نا يحيى بن يحيى قال: أنا أبو حيثمة عن أبي الزبير عن جابر قال: (بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر علينا أبا عبيده نتلقى عيرا لقريش وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة) فهذه عطية عمر مشاعة والحجة تقوم بما رويناه من طريق مسلم نا خلف بن هشام نا حماد بن زيد عن غيلان بن جرير عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من الأشعريين نستحمله فامر لنا بثلاث ذود غر الذرى) وذكر الخبر فهذه هبة مشاع لم ينقسم * وأما من النظر فليس الا ملك صحيح ثم تصرف فيما صح الملك فيه ولا مزيد فتملك الموهوب له والمتصدق عليه بالجزء المشاع كما ملكه الواهب والمتصدق ولا فرق البتة ويتصرف