قال أبو محمد: ان من عارض رواية كل من ذكرنا برواية فطر لمخذول وفطر ضعيف ولولا أن سفيان رواه عن أبي الضحى عن النعمان ما كان لهم فيه حجة لان سائر الروايات زائدة حكما ولفظا على هذه الرواية فكيف وقد روينا في حديث فطر هذا من طريق من أن لم يكن فوق يحيى بن سعيد القطان لم يكن دونه وهو عبد الله بن المبارك عن فطر عن مسلم بن صبيح سمعت النعمان بن بشير يخطب يقول: جاء بي أبى إلى ليشهده على عطية أعطانيها فقال: هل لك بنون سواه: قال: نعم قال: سو بينهم) فهذا ايجاب للتسوية بينهم، وقد حمل المالكيون أمره عليه الصلاة والسلام بالتكبير على الفرض بمجرد الامر وحمل الحنيفيون امره عليه الصلاة والسلام بالإعادة من ضحى قبل الامام على الفرض بمجرد الامر وما زالوا يهجمون على وجوه السخف معارضة للحق حتى قال بعضهم: هذا كما روى أنه عليه الصلاة والسلام أتى بخرز فقسمه للحرة والأمة * قال أبو محمد: أي شبه بين هذا وبين أمره عليه الصلاة والسلام بأن يرد تلك الصدقة والعطية واخباره بأنها جور لو عقلوا فبطل كل ما موهوا به والحمد لله رب العالمين، واما الخبر (كل ذي مال أحق بماله) فصحيح فقد قال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم) وقال تعالى: (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) فالذي حكم بايجاب الزكاة وفسخ اجر البغي. وحلوان الكاهن. وبيع الخمر. وبيع أم الولد.
وبيع الربا هو الذي فسخ الصدقة والعطية المفضل فيها بعض الولد على بعض، ولو أنهم اعترضوا أنفسهم بهذا الاعتراض في ابطالهم النحل والصدقة التي لم تقض لكان أصح وأثبت ولكنهم كالسكارى يخبطون، واحتج بعضهم بأنه عمل الناس فقلنا: عمل الناس الغالب عليه الباطل، وقال أنس: ما أعرف مما أدركت الناس عليه الا الصلاة، وقال بعضهم: لما جازت مفاضلة الاخوة جازت مفاضلة الأولاد قلنا: هذا حكم إبليس وهلا قلتم لما جاز القود بين المرء وأخيه جاز بين المرء وولده؟ فكان أصح * قال أبو محمد: وأما ما موهوا به عن الصحابة رضي الله عنهم فكله لا حجة لهم فيه لأنه لا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حديث أبي بكر قد أوردناه بخلاف ما أوردوه (1) وأما قول عمر. وعثمان من نحل ولده نحلا فنحن لم نمنع نحل الولد وإنما منعنا المفاضلة وليس في كلامهما إباحة المفاضلة كما ليس فيه إباحة بيع الخمر والخنازير ولا فرق، وقد صح عنهما المنع منها كما أوردنا، وأما الرواية عن ابن عمر فليس فيها انه لم ينحل الآخرين قبل ولا بعد لمثل ذلك بل فيها أنه قال: واقد ابني مسكين فصح أنه لم يكن نحله بعد كما نحل اخوته