تلك العطية والصدقة أحق جائز هي أم باطل غير جائز؟ ولا سبيل إلى قسم ثالث فان قالوا:
حق جائز أعظموا الفرية إذ أخبروا أنه عليه الصلاة والسلام أبى أن يشهد على الحق وهو الذي اتانا عن ربنا تعالى بقوله تعالى: (ولا يأبى الشهداء إذا ما دعوا) وبقوله تعالى:
(ولا يضار كاتب ولا شهيد) وان قالوا: انها باطل غير جائز أعظموا الفرية إذ أخبروا أن النبي صلى الله عليه وسلم (1) حكم بالباطل وانفذ الجور وأمر بالاشهاد على عقده وكلا القولين مخرج إلى الكفر بلا مرية ولا بد من أحدهما؟ وزاد بعضهم ضلالا وفرية فقال:
معنى قوله عليه الصلاة والسلام: (أشهد على هذا غيري) أي انى امام والامام لا يشهد فجمعوا فريتين، إحداهما الكذب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في تقويله ما لم يقل فليتبوأ من أطلق هذا مقعده من النار، والثانية (2) قولهم: ان الامام لا يشهد فقد كذبوا (3) وأفكوا في ذلك بل الامام يشهد لأنه أحد المسلمين المخاطبين بان لا يأبوا إذا دعوا وبقوله عز وجل: (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) فهذا أمر للأئمة بلا شك ولا مرية، والعجب من قلة حياء هذا القائل ومن قوله ومذهبه ان الامام إذا شهد عند حاكم من حكامه جازت شهادته فلو لم يكن من شأنه يشهد لما جازت شهادته ثم أتى بعضهم بما كان الخرس أولى به فقال: لعل النعمان كان كبيرا ولم يكن قبض النحل وقائل هذا اما في نصاب التيوس جهلا وأما منزوع الحياء والدين لان صغر النعمان أشهر من الشمس وأنه ولد بعد الهجرة بلا خلاف من أحد من أهل العلم وقد بين ذلك في حديث أبي حيان عن الشعبي عن النعمان وانا يومئذ غلام ولا تطلق هذه اللفظة على رجل بالغ أصلا، وقال بعضهم لم يكن النحل تم إنما كان استشارة وموهوا برواية شعيب بن أبي حمزة بهذا الخبر عن الزهري فقال فيه عن النعمان نحلني أبى غلاما ثم جاء بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: انى نحلت ابني هذا غلاما فان أذنت لي ان أجيزه أجزته * قال أبو محمد: لولا عمى هؤلاء القوم وضلالهم ما تمكن الهوى منهم هذا التمكن هم يسمعون في أول الخبر نحلني أبى غلاما وفى وسطه يا رسول الله نحلت ابني هذا غلاما ويقولون: لم يتم النحل، وقال بشير فان أذنت لي أن أجيزه أجزته قول صحيح وقول مؤمن لا يعمل الا ما أباحه له رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظاهره بلا تأويل نعم ان أجازه النبي صلى الله عليه وسلم اجازه بشير وان لم يجزه عليه الصلاة والسلام رده بشير ولم يجزه كما فعل * وذكروا أيضا رواية عبد الله بن عون لهذا الخبر عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال: نحلني أبى نحلا ثم أتى بي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم