وثمن المبيع والأجرة والأرش وما أشبه ذلك فعلى الحاكم إلزامه بالخروج إلى المقر له مما يتعلق بذمته وتسليم ما في يده من الأعيان القائمة، فإن قامت بينة بعد التسليم باستحقاق عين المقر به فعلى الحاكم نزعه من يد المقر له به ولا ضمان عليه إلا أن يقترن الإقرار بالضمان أو يكون من حقوق الذمم كالديون وغيرها فيضمن على كل حال فليلحظ هذه الجملة ويتأمل.
قال شيخنا أبو جعفر في مبسوطه في كتاب الإقرار: إذا أعتق رجل عبدين في حال صحته فادعى عليه رجل أنه غصبهما منه وأنهما مملوكان له فأنكر ذلك المعتق فشهد له المعتقان بذلك لم يقبل شهادتهما لأن إثبات شهادتهما يؤدى إلى اسقاطها لأنه إذا حكم بشهادتهما لم ينفذ العتق وإذا لم ينفذ العتق بقيا على رقهما وإذا بقيا على رقهما لم تصح شهادتهما فلما كان إثباتها يؤدى إلى اسقاطها لم يحكم بها، قال رحمه الله: وهذا على مذهبنا أيضا لا يقبل شهادتهما لأنا لو قبلناها لرجعا رقين ويكون شهادتهما على المولى وشهادة العبد لا تقبل على مولاه فلذلك بطل لا لما قالوه، هذا آخر كلام شيخنا في مبسوطه.
قال محمد بن إدريس: ما ذهب إليه شيخنا - رحمه الله - في ذلك غير واضح بل هو ضد لما عليه إجماعنا وتواتر أخبارنا بغير خلاف وقد أورد ذلك في نهايته: إن شهادتهما مقبولة، وما اعتل به غير مستقيم لأنهما في حال شهادتهما وإقامتها وسماع الحاكم لها لم يكونا عبدين بل كانا حرين على ظاهر الحال بغير خلاف مما شهدا في حال ما شهدا وأقاما إلا على غير سيدهما فلا يؤثر بعد ذلك مما يتعقب الشهادة لأن المؤثرات في وجوه الأحكام لا يكون لها حكم إلا أن تكون مقارنة غير متأخرة بل إن قيل: إن شهادتها لسيدهما لا عليه، كان صحيحا، مثل هذه المسألة بل هي بعينها من الحكم منصوصة لأصحابنا الرواية بها متواترة لا يتعاجم في ذلك اثنان من أصحابنا، وأيضا فالشاهد إذا شهد عند الحاكم وكان وقت شهادته مقبول الشهادة لا يؤثر بعد ذلك ما يطرأ عليه من تجدد فسق بل يجب على الحاكم بشهادته، فلو شرب بعد إقامة شهادته بلا فصل خمرا وقبل الحكم بها فإن الحاكم يحكم بها ولا يطرحها بغير خلاف بيننا إلا أن يرجع الشاهد عنها قبل الحكم بها فيطرحها الحاكم إذا كان رجوعه قبل الحكم بها، فأما إذا كان رجوعه عنها بعد الحكم بها فلا يرجع الحاكم عن الحكم بها ولا ينقض حكمه.