ولا فرق بين أن يقول ذلك ويقبل منه وبين أن يقول: له على ألف درهم قضيتها أو وألف درهم من ثمن خمر أو خنزير أو من ثمن مبيع لم أقبضه أو تلف قبل القبض، فإن شيخنا أبا جعفر في مبسوطه قال: فمتى أقر بكفالة بشرط الخيار أو بضمان بشرط الخيار مثل أن يقول: تكفلت لك بدين فلان، أو: ضمنت لك مالك على فلان على أني بالخيار ثلاثة أيام، فقد أقر بالكفالة ووصل إقراره بما يسقطها فلا يقبل إلا ببينة. وكذلك إذا قال: له على ألف درهم قبضتها، أو ألف درهم من ثمن خمر أو خنزير أو من ثمن مبيع تلف قبل القبض. فهذا جميعه أورده شيخنا مستدلا على أنه: إذا أقر بشئ ووصل إقراره بما يسقطه فإنه لا يقبل قوله إلا ببينة، فيلزمه مثل ذلك فيما اختاره من أنه يقبل قوله إذا وصل إقراره بقوله:
له على ألف من ثمن مبيع، ثم قال: لم أقبضه، إذا أفرق بينهما وهو قائل في أحدهما بغير ما قال في الآخر، واستدلاله قاض عليه وهو محجوج بقوله الذي قال فيه: إذا أقر بشئ ووصل إقراره بما يسقطه فلا يقبل قوله إلا ببينة.
وإذا قال: لفلان على ألف درهم مؤجلا إلى وقت كذا، لزمته الألف ولا يثبت لتأجيل، ولشيخنا أبي جعفر في ذلك قولان: أحدهما أنه يثبت التأجيل ويقول في موضع آخر: لا يثبت التأجيل، وهذا الذي يقوى في نفسي لما دللنا عليه أولا.
الإقرار بالعجمية يصح كما يصح بالعربية لأنها لغة ولأنها تنبئ عما في النفس من الضمير كالعربية، فإذا أقر بالعجمية عربي أو أقر بالعربية عجمي، فإن كان عالما بمعنى ما يقوله لزمه إقراره، وإن قال: قلت ذلك ولا أعرف معناه، فإن صدقه المقر له لم يلزمه شئ وإن كذبه فالقول قول المقر مع يمينه أنه لم يدر معناه لأن الظاهر في حال العربي أنه لا يعرف العجمية ومن حال العجمي أنه لا يعرف العربية فقدم قوله لهذا الظاهر.
إذا شهد عليه شهود بإقراره ولم يقولوا: وهو صحيح العقل، صحت الشهادة بذلك الإقرار لأن الظاهر صحة إقراره ولأن الظاهر أنهم لا يتحملون الشهادة على من ليس بعاقل فإن ادعى المقر المشهود عليه أنه أقر وهو مجنون وأنكر المقر له ذلك كان القول قوله مع يمينه لأن الأصل عدم الجنون.