وقد تقدم في المبحث المذكور ما يرضيك في المقام ويقنعك، بتخصيص حرمة الهجو بما ذكرناه.
وهل يجوز هجو المبدع في الدين أو المخالفين بما ليس فيهم من المعائب، أو لا بد من الاقتصار فيه على ذكر العيوب الموجودة فيهم.
أما هجوهم بذكر المعائب غير الموجودة فيهم من الأقاويل الكاذبة، فهي محرمة بالكتاب والسنة، وقد تقدم ذلك في مبحث حرمة الكذب، إلا أنه قد تقتضي المصلحة الملزمة جواز بهتهم والازراء عليهم، وذكرهم بما ليس فيهم افتضاحا لهم، والمصلحة في ذلك هي استبانة شؤونهم لضعفاء المؤمنين، حتى لا يغتروا بآرائهم الخبيثة وأغراضهم المرجفة، وبذلك يحمل قوله (عليه السلام): وباهتوهم كي لا يطمعوا في الاسلام (1).
وكل ذلك فيما إذا لم تترتب على هجوهم مفسدة وفتنة، وإلا فيحرم هجوهم حتى بالمعائب الموجودة فيهم.
وقد ظهر من مطاوي ما ذكرناه أن هجو المخالفين قد يكون مباحا، وقد يكون مستحبا، وقد يكون واجبا، وقد يكون مكروها، وقد يكون حراما، وبهذا الأخير يحمل قوله (عليه السلام) في رواية أبي حمزة عن قذف المخالفين: الكف عنهم أجمل (2).