وأما الثاني فإن كان الخبر مطابقا للواقع، كهجو المؤمن بما فيه من المعائب كان حراما، من جهة الغيبة والهتك والإهانة والتعيير والهمز، وإن كان الخبر مخالفا للواقع كان حراما أيضا من نواحي شتى، لكونه كذبا وبهتانا وإهانة وظلما وهمزا ولمزا.
ولا فارق في أفراد المؤمن بين العادل والفاسق غير المعلن، وقد تقدم الكلام عليه في مبحث الغيبة (1).
بل يمكن أن يقال بحرمة هجو الفاسق المعلن بفسقه، فقد تقدم في البحث عن مستثنيات الغيبة أن عمدة الدليل على جواز غيبة المتجاهر في الفسق خروج ذلك عن دائرة الغيبة موضوعا، فإنها أن تقول في أخيك ما ستره الله عليه، وما ارتكبه الفاسق المتجاهر من المعائب والمعاصي ليس مما ستره الله عليه، ولكن لا قصور في شمول ما دل على حرمة الهجو لانتقاص المتجاهر وذكره بما فيه من العيوب، عدا ما دل على حرمته من حيث كونه غيبة.
نعم يجوز هجو الفاسق المتجاهر في الفسق إذا ترتبت على هجوه مصلحة أهم من مصلحة احترامه، أو كان ممن لا يبالي بما قيل فيه، وبذلك يحمل ما ذكره المصنف من الخبر: محصوا ذنوبكم بذكر الفاسقين.
وأما هجو المخالفين أو المبدعين في الدين فلا شبهة في جوازه، لأنه قد تقدم في مبحث الغيبة أن المراد بالمؤمن هو القائل بإمرة الأئمة الاثني عشر (عليهم السلام)، وكونهم مفترضي الطاعة، ومن الواضح أن ما دل على حرمة الهجو مختص بالمؤمن من الشيعة، فيخرج غيرهم عن حدود حرمة الهجو موضوعا.