وقد يستدل على الحرمة مطلقا بحديث المناهي، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله): نهى عن الغيبة والاستماع إليها، ونهى عن النميمة والاستماع إليها (1).
وفيه أولا: أنه ضعيف السند كما عرفته مرارا.
وثانيا: أن صدره وإن كان ظاهرا في الحرمة مطلقا إلا أن ذيله قرينة على حرمة الاستماع مع عدم الرد فقط، وهو قوله (صلى الله عليه وآله): ومن تطوع على أخيه في غيبة سمعها فيه في مجلس فردها عنه رد الله عنه ألف باب من الشر في الدنيا والآخرة، فإن هو لم يردها وهو قادر على ردها كان عليه كوزر من اغتابه سبعين مرة (2)، وحملها على السماع القهري خلاف الظاهر منها، على أنه أمر نادر.
وقد يجاب عن حديث المناهي بعدم ظهوره في الحرمة التكليفية، فإن النهي فيه عن استماع الغيبة نهي تنزيهي وارشاد إلى الجهات الأخلاقية، ويدل عليه من الحديث ذكر الأمور الأخلاقية فيه من آثار الغيبة، ككونها موجبة لبطلان الوضوء والصوم.
وفيه: أن ما ثبت كونه راجعا إلى الأخلاقيات ترفع اليد فيه عن ظهور النهي في الحرمة، وأما غيره فيؤخذ بظهوره لا محالة كما حقق في محله.
ومع الاغضاء عن جميع ما ذكرناه وتسليم صحة الروايات المتقدمة الظاهرة في حرمة استماع الغيبة مطلقا فلا بد من تقييدها بالروايات المتكثرة (3) الظاهرة في جواز استماعها لردها عن المقول فيه،