فهذه الرواية دلت بمفهومها على أن من ارتكب الأمور المذكورة فهو جائز الغيبة، ومن الواضح أن من ظلم الناس في معاملاتهم وكذبهم في حديثهم كان متجاهرا بالفسق.
ولكن الرواية بجميع طرقها ضعيفة السند، على أن الظاهر من هذه الرواية ومن صحيحة ابن أبي يعفور ورواية علقمة الآتيتين اعتبار العدالة في حرمة الغيبة ولم يلتزم به أحد.
ومنها: صحيحة ابن أبي يعفور (1)، فقد دلت على أن حرمة التفتيش عن أحوال الناس مترتبة على الستر والعفاف منهم، ومقتضى ذلك أن حرمة التفتيش تنتفي إذا انتفت الأمور المذكورة.
وفيه: أن التفتيش غير الغيبة وحرمة أحدهما لا تستلزم حرمة الآخر، نعم قد يجتمعان، ثم لو سلمنا اتحادهما فإن مقتضى ذلك اعتبار العدالة في حرمة الغيبة.
ومنها: ما في رواية علقمة عن الصادق (عليه السلام)، وهو قوله: فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك شاهدان فهو من أهل العدالة والستر وشهادته مقبولة، وإن كان في نفسه مذنبا، ومن اغتابه بما فيه فهو خارج من ولاية الله وداخل في ولاية الشيطان (2).
قال المصنف: دل على ترتب حرمة الاغتياب وقبول الشهادة على كونه من أهل الستر وكونه من أهل العدالة، على طريق اللف والنشر، أو على اشتراط الكل بكون الرجل غير مرئي منه المعصية ولا مشهودا عليه بها ومقتضى المفهوم جواز الاغتياب مع عدم الشرط خرج منه غير المتجاهر.