مشية الغائب، بل هو أشد من الذكر باللسان لكونه أعظم في الانتقاص، أو كتابة، فقد قيل: إن القلم أحد اللسانين، فإن المناط في تحقق الغيبة كشف ما ستره الله ولا خصوصية للكاشف.
5 - لا بد في صدق الغيبة من وجود أحد يقصد بالتفهيم، فقد عرفت أنها إظهار ما ستره الله، وهو لا يتحقق بمجرد حديث النفس، فإنه لا يزيد على الصور العلمية والملكات النفسانية، ومن هنا علم عدم تحقق الغيبة أيضا بذكر الانسان بعيوب يعلمها المخاطب، نعم قد يحرم ذلك من جهة أخرى.
6 - لا تتحقق الغيبة إلا بكون المغتاب - بالفتح - معلوما بالتفصيل عند المخاطبين، فلو كان مرددا عندهم بين أشخاص، سواء كانوا محصورين أم غير محصورين، فذكره بالنقائص والمعائب المستورة لا يكون غيبة، فإنه ليس كشفا لما ستره الله.
ومثاله أن تقول: رأيت اليوم رجلا بخيلا، أو جاءني اليوم شارب الخمر، أو تارك الحج، أو عاق الوالدين، أو من يعيش معيشة ضنكا، فكل ذلك لا يكون من الغيبة في شئ، ولا يكون حراما إلا إذا انطبق عليه عنوان محرم آخر، ولا يفرق في ذلك بين أن يكون كل واحد من المحصورين كارها لذلك الذكر أم لا، لما عرفت من أن كراهة المقول فيه ليست شرطا في تحقق الغيبة.
نعم لو عرفنا الغيبة بأنها ذكر الغير بما يكرهه كما عليه المشهور، كان ذلك من الغيبة وشملته أدلة تحريمها، ولكنك قد عرفت ضعفه فيما سبق.
ولا يخفى أن ما ذكرناه من اشتراط العلم التفصيلي بالمغتاب في مفهوم الغيبة إنما هو بالإضافة إلى الأفراد، أما إذا كان المذكور نقصا للعنوان