الظاهر أنه قاعدة فقهية متصيدة من الروايات الواردة في الأبواب المختلفة، كاحياء الموات والتحجير وغيرهما، كسائر القواعد الفقهية المضروبة لبيان الأحكام الجزئية.
ولو سلمنا كون ذلك رواية أو كان بناء الفقهاء على الاستدلال بالقاعدة، فلا دلالة فيها على ثبوت حق الاختصاص بعد زوال الملكية، فإن الظاهر منها ليس إلا ثبوت مالكية المحيز للمحاز، وأما الزائد عن ذلك فلا دلالة لها عليه، على أنها ضعيفة السند وغير منجبرة بشئ، فإن الشهرة إنما تكون جابرة لضعف سند الرواية إذا علم استناد المشهور إلى الرواية الضعيفة، ولا ريب أن استناد أكثرهم هنا أو كلهم إلى غيرها، وإنما ذكروها للتأييد والتأكيد.
ويضاف إلى ذلك أن جبر الرواية الضعيفة بالشهرة ضعيف المبنى، وقد أشرنا إليه في أول الكتاب.
وأما حديث السبق ففيه أولا: أنه ضعيف السند وغير منجبر بشئ صغرى وكبرى، وثانيا: أن ما نحن فيه خارج عن حدود هذا الحديث، فإن مورده الموارد المشتركة بين المسلمين، بأن يكون لكل واحد منهم حق الانتفاع بها، كالأوقاف العامة من المساجد والمشاهد والمدارس والرباط وغيرها، فإذا سبق إليها أحد من الموقوف عليهم وأشغلها بالجهة التي انعقد عليها الوقف حرمت على غيره مزاحمته وممانعته في ذلك، ولو عممناه إلى موارد الحيازة فإنما يدل على ثبوت الحق الجديد للمحيز في المحاز، ولا يدل على بقاء العلقة بين المالك وملكه بعد زوال الملكية.
ومن جميع ما ذكرناه ظهر ما في كلام المحقق الإيرواني من الوهن، حيث قال: والظاهر ثبوت حق الاختصاص، أما في الحيازة فلعموم دليل