من تلك الأخبار.
وأما الطائفة الثانية من هذه الأخبار المشتملة على فعله عليه السلام صلاة المغرب عند غيبوبة الشمس مع منعه من أن يمسي بالمغرب فبعد ما عرفت من أن غيبوبة الشمس قد فسرت بذهاب الحمرة بمقتضى الطائفة الأولى من تلك الأخبار فلا دلالة فيها على كون فعله عليه السلام إنما كان عند غياب الشمس مع عدم ذهاب الحمرة، بل مقتضى التفسير أن فعله كان بعد ذهاب الحمرة، ولا ينافيه المنع من أن يمسي بالمغرب، إذ لعل المراد ب " يمسي " هو فعلها بعد سقوط الشفق.
ولعل المصاحب كان من أصحاب أبي الخطاب، واحتمال ذلك يكفي في سقوط الاستدلال بها، ولا ينافي أيضا ما ذكرنا من أن المراد بقوله عليه السلام " إنما علينا أن نصلي إذا غربت الشمس " في غروبها مع ذهاب الحمرة، ما في ذيل الرواية " وعلى أولئك أن يصلوا إذا غربت الشمس عنهم " (1) بداهة أنه ربما تذهب الحمرة عن مكان، بل يسقط الشفق أيضا، مع عدم غيبوبة الشمس في مكان آخر، فهذه الطائفة أيضا غير معارضة لما دل من اعتبار ذهاب الحمرة.
وأما الطائفة الثالثة الدالة على فعل الصادق عليه السلام لها مع بقاء شعاع الشمس فلا بد من حملها على التقية، لأن في نفس الرواية دلالة على أن فعل الصلاة في ذلك الوقت كان من شعار العامة بحيث كانوا يعرفون به، حتى أن القوم قبل معرفة الإمام عليه السلام كانوا يدعون عليه، ويتخيلون أنه شاب من شباب المدينة، فما هذا شأنه كيف يمكن الاستدلال به؟ فلا بد من حمل جميع ما ورد بالتحديد بغيبوبة الشمس على التقية.