كان ذلك من أضعف الظهورات وهذا من أقواها.
والسر في ذلك ما عرفت من أن الشك في المطلق مسبب عن الشك في المقيد، ولا يمكن العكس بأن يقال: إن الشك في كون الأمر في المقيد للوجوب مسبب عن الشك في إطلاق المطلق، وبعد الأخذ بأصالة الاطلاق في المطلق يرتفع موضوع الشك في كون الأمر في المقيد للوجوب، ولا بد حينئذ من حمله على الاستحباب، وذلك لأن دليل المطلق غير متعرض للمقيد، غاية الأمر أنه لو بقي على إطلاقه يكون معارضا للمقيد.
وهذا بخلاف دليل المقيد، فإنه بمنزلة القرينة للمطلق ك (يرمي) في قولنا (أسد يرمي) فإن ظهور يرمي في رمي النبال يكون قرينة على أن المراد من الأسد هو الرجل الشجاع، ولا يمكن أن يقال: إن ظهور أسد في الحيوان المفترس يكون قرينة على أن المراد من يرمي هو رمي التراب، وهذا واضح لا سترة فيه، وقد ذكرناه في باب المطلق والمقيد مفصلا، فراجع.
إذا عرفت ذلك فنقول: إن مقتضى ما عرفت من حكومة الأصول الجارية في المقيد على الأصول الجارية في المطلق هو لزوم حمل المطلقات الواردة في امتداد وقت الظهرين إلى الغروب على المقيدات الظاهرة في خروج الوقت بالأقدام والمثلين للمختار، ولا تصل النوبة إلى حمل أوامر المقيدات على الفضيلة والاستحباب، كما سنعه المشهور.
ولكن هذا إنما يتم لو لم يكن هناك قرينة على إرادة وقت الفضيلة من الأوامر المقيدة، وأما مع ثبوت القرينة في ذلك ينهدم ظهور الأمر في الوجوب في المقيدات، وتبقى المطلقات على حالها من امتداد الوقت للمختار إلى الغروب.
والانصاف أن ملاحظة مجموع الأخبار الواردة في هذه الباب مما يشرف