صحة صلاته، ووجهه بعض بأنه غير معذور في نسيانه، إما لانصراف أدلة رفع النسيان إلى غير ذلك، وإما لأنه كان يجب عليه الحفظ والذكر حتى يرد مال الناسي إلى أهله، فبتركه الحفظ والذكر الذي أوجب النسيان صار نسيانه مما لا يعذر فيه، وكان تكليف لا تغصب منجزا عليه، فلا تصح منه الصلاة، هذا.
ولكن لا يخفى عليك ما في كلا الوجهين من الصعف.
أما دعوى الانصراف فمما لا شاهد عليها، إذ لا موجب له.
وأما الوجه الثاني، فعلى فرض تسليم أنه كان يجب عليه الحفظ والذكر، فأقصاه أنه فرط في هذا الواجب وعصى بتركه، وهذا لا ينافي معذوريته في حال النسيان، ولا يعقل أن يكون النهي منجزا عليه في حال النسيان، فإن رفع التكليف عن الناسي عقلي لا يختص بشخص دون شخص، وحال دون حال.
ودعوى أن تصرفه في المغصوب حال النسيان كتصرفه في حال الخروج عن الدار المغصوبة يمكن أن لا يكون معذورا فيه، مع أنه مما لا بد منه عقلا، مدفوعة (أولا) بأن الخروج يكون مأمورا به ليس إلا ومعذورا فيه، على ما هو المختار من أن الخروج لم يكن منهيا عنه في حال من الحالات، لأنه تخلص عن الغصب فلا يمكن أن [يكون] منهيا عنه. (وثانيا) سلمنا ذلك إلا أن الخروج يمكن أن يقال منهيا عنه بالنهي السابق الساقط، ويكون مقدورا تركه بترك الدخول، إلا أنه في صورة النسيان لا يمكن ذلك، لأن الشئ في حال النسيان غير مقدور لا بنفسه ولا بالواسطة، فإن التحفظ والمواظبة على الذكر لا يلازم عدم النسيان، فربما الشخص يكون في كمال التحفظ والمواظبة ومع ذلك ينسى لأمر غير اختياري، فلا يقاس باب النسيان بباب الخروج الذي هو مقدور دائما بترك الدخول، فتأمل جيدا. فالأقوى أنه لا فرق في الصحة بين كون الناسي هو الغاصب أو غيره.
بقي في المقام بعض الفروع المرتبطة بالمقام.